السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فضائيات الفتنة والفرقة والتكفير!

فضائيات الفتنة والفرقة والتكفير!






أعترف لكم بغبائى وغباوتى فى فهم الكثير من الظواهر المتعلقة بالقنوات الفضائية العربية التى أصبحت أكثر من الهم على قلب وعقل وعين المشاهد العربى المسكين!
أتحدث هنا عن فضائيات عربية تتحدث باسم أقطار عربية شقيقة كادت تخرج من التاريخ أو لعلها خرجت بالفعل!
قمة الغباء عندى عندما أشاهد وأتابع فضائيات سوريا والعراق وليبيا واليمن، وأظنك تعرف الحال السياسى والاجتماعى والاقتصادى الذى وصلت إليه هذه الأقطار، وكان الله فى عون شعوبها من رجال ونساء وأطفال وعجائز وأرامل!
خذ عندك الفضائيات والقنوات التى تتحدث باسم سوريا وقد تجاوز عددها الخمسين محطة، القليل يتحدث وينحاز للنظام نفسه والأغلبية تتحدث باسم المعارضة، سواء معارضة الداخل أو معارضة الخارج.
نفس الشىء فضائيات وقنوات اليمن الذى كان سعيداً، فهذه قنوات تتحدث باسم الشرعية اليمنية وأخرى معارضة تتحدث باسم المخلوع «صالح» وجماعة الحوثى، وهى محطات بالعشرات أيضا.
أما فضائيات العراق الشقيق فحكايتها حكاية، لكن ما يلفت الانتباه ويثير الدهشة فالبعض منها لا يخفى انحيازه لإيران بل ويطالب بدور إيرانى، والبعض الآخر يطالب بدور دولى لا عربى فى حل الأزمة اليمنية، البعض يؤيد تماما عملية التحالف الدولى لتحرير اليمن من ميليشيات صالح والحوثى بينما البعض الآخر يهاجم عمليات التحالف الدولى، وهكذا دواليك بدواليك!
هذا غير فضائيات شيعية ترى أن معركتها الكبرى فى سب أهل السُنة وكل رموز أهل السنة من أجل تحرير العراق من المحتل الغاصب!
وقنوات أخرى تخصصت فى الترحم على الزمن الجميل زمن صدام حسين وحزب البعث، بل إن إحدى هذه المحطات تخصص كل ساعات إرسالها لخطب وتحركات وزيارات «صدام حسين» فى سنوات حكمه للعراق!
يحدث نفس الشىء إذا شاهدت عشرات القنوات الليبية، وبعضها منحاز للحكومة الشرعية ومجلس النواب الشرعى، وبعضها ضد كل هذه الأشكال من المؤسسات الكل ضد الكل وقد اكتشفت منذ فترة قناة متخصصة فى بث وإذاعة جولات وخطب «العقيد القذافى» لا أكثر ولا أقل! ومما شاهدته وكان يثير العجب والدهشة ندوة عالمية حضرتها مئات الشخصيات العالمية من كل الدنيا تناقش «العقيد» فى مضمون ومغزى كتابه «الأخضر» وبلغ من نفاق أحد الحاضرين - أوروبى الجنسية - أن قال للعقيد القذافى إن العالم شرقه وغربه أحوج ما يكون للكتاب الأخضر!
ولعل المؤسف فى كل هذه القنوات أنها لا تبحث عن حل للأزمة التى تطيح ببلدها؟! بل تعمل على زيادة حدتها وبقائها بل واستمرارها وكل طرف يدعى الوطنية والمفتاح السحرى للحل، بينما الطرف الآخر أو المحطة الأخرى عميلة وخائنة وأجندتها امبريالية استعمارية!
وأتخيل حال المواطن العربى المسكين المسكون بالقلق والخوف على بلاده وهو يشاهد نخبجية بلاده يتصايحون ويتشاجرون ويسخرون من بعضهم البعض، ويقذفون بعضهم بكراسى الاستوديو وسط وصلات من السباب والشتائم، وكلهم يرتدى ثياب الوطنية والمقاومة!
فاتنى أن أقول لك إن غالبية ضيوف هذه البرامج من النخبجية الأشاوس ممن يعيشون فى الخارج ويطالبون شعوبهم بالمقاومة حتى آخر رجل وامرأة وطفل.. حتى لو مات كل الشعب فى سبيل الوطن العظيم!
اختلفت سياسات وتوجهات هذه المحطات مع بعضها البعض، كما تختلف فى مصادر التمويل الواضحة أو الغامضة، لكنها اتفقت فى شىء واحد للأسف الشديد وهو: زيادة هوة المسافات بين المشاهدين، وجعلت شعارها: أمة عربية متفرقة من المحيط إلى الخليج!!