
كمال عامر
يناير.. شرطة لم ولن تركع
■ عيد الشرطة.. 25 يناير.. يوم رد الجميل لرجال الشرطة.. على جهودهم من أجل الحفاظ على أمنى وأسرتى وممتلكاتى والبلد.
كنت أبحث فى كل سنة على وسيلة مختلفة لترجمة كلمة شكرا..
كنا نشاهد أفلاما لصمود الشرطة ضد الإنجليز.. جهودها فى مكافحة المخدرات وحماية شبابنا.. أو فى مقاومة التخريب تحديدا.. والخدمات التى تقدمها للمواطن.. هكذا تعودنا فى 25 يناير.. عيد الشرطة يبدأ ببرقيات تهنئة وينتهى بزيارة وتكريم أسر الشهداء.
■ وفى يناير 2011 تم تغيير المشهد تماما.. كنت حاضرا وشاهدا على المؤامرة ضد الداخلية والشرطة.. مؤامرة متنوعة الأطراف.. بهدف تفكيكها.. بمعنى حرقها وتسريح كل من ينتمى إليها ثم تشكيل مجموعات جديدة وفقا لرؤية إخوانية تآمرية!
بالمناسبة كلمة تفكيك أو إعادة هيكلة أول مرة سمعناها كان بعد غزو العراق.. للجيش العراقى وقد تم تسريحه وقتها.
إذن الشعارات التى رفعها الإخوان والتيار الدينى وأعوانهم من المخربين كانت محددة فى تسريح الشرطة.. بالفعل بدأ البحث عن آليات جديدة للتشكيل الجديد للشرطة!
■ فى يناير تم حرق أقسام الشرطة.. وفى أقسام أخرى رفض رجال الشرطة تسليم المقرات لأى جهة وأعلنوا تحديهم للإرهاب والإخوان والخونة.
وقد ظلت أقسام الشرطة التى رفض ضباط وضابط صف وأفراد شرطة تسليمها فى قبضة الأبطال ولم يجرؤ لص أو خائن أو جاسوس أو مجرم من الاقتراب من تلك الأقسام.
فى 25 يناير 2011 كابوس عاشته الشرطة المصرية.. صناعة جواسيس ومتآمرين ومجرمين قتلة.
ألوف من الشرطة دفعوا حياتهم ثمنا لأمن البلد.. وأمن أبناء البلد.. فى المظاهرات وفى حماية الأقسام وفى تفريق الشغب.
حضرت أكثر من جنازة لكبار وصغار الرتب من رجال الشرطة.. شاهدت الزوجة والابن والأخ والأب من أسر شهداء الشرطة..
■ كنت أسأل نفسى: ليه يموتوا وعلشان ايه. ولماذا هم وحدهم.. مع إن خطة الاغتيال المعنوى ضد الداخلية بتنفيذ الخونة والجواسيس والإخوان قسمت الناس حول الداخلية.. ولو أن الشرطة تتعامل من أجل نفسها لامتنعت عن عملها وتركتنا عرضة للقتل والتصفية الإخوانية.
شرطة بلدى كانت أشجع.. تحملت سخافات واتهامات.. ورصاص الخونة ولم تمت عزيمته.
أمام الاتحادية اغتالوا ضباطها وجنودها ولم يتوقف الأبطال.
■ فى كرداسة والبدرشين والمنيا وسيناء امتزجت دماء رجال الشرطة الطاهرة بتراب البلد وصنعوا ملحمة وتاريخ وطن.
الذين أرادوا سرقة البلد.. أيقنوا أن خطتهم لن تنجح إلا بعد «حرق رجل الأمن» وبالفعل حاولوا بكل الطرق.. حاولوا حرق الوزارة واغتيال الضباط والجنود وتآمروا مع الإعلام - وقتها - لتشويه الصورة.
صمود رجال الشرطة ومقاومتهم وتحديهم لكل تلك الأطراف.. وراء صمودنا كشعب.. والبقاء أحياء على أرض مصر.
■ قوة الشرطة المصرية أفسدت مخطط الإخوان وصعبت من مهمة أخونة الدولة.. واتضح أن الداخلية وراء تقويض المشروع الإرهابى أو الإخوانى لتمزيق نسيج المجتمع المصرى وحرق كل معارض للأخونة.
أمام الاتحادية انحازت الشرطة المصرية لمظاهرات المعارضين للإخوان وضد رغبة حكومة ونظام الإخوان.. من كان يصدق أن الداخلية ترفض إطلاق النار على المتظاهرين ضد الرئيس الأسبق محمد مرسى؟
■ شاهدت بعينى تعامل الداخلية ورجال الشرطة مع الجماهير الغاضبة والساخطة من حكم الإخوان.. رفضوا قتل أبنائى من المتظاهرين.. عرضوا أنفسهم للموت والإصابة بالخرطوش وزجاجات المولوتوف.. وكان من الممكن لحماية أنفسهم أن يطلق رجل الشرطة النيران للدفاع عن نفسه معلنا احترامه وانحيازه للشعب ضد قصر الاتحادية ومن فيه.
موقف كنت أشاهده وأنا مذهول..
■ لم أنس صلاة الجمعة بعد يناير 2012 فى مسجد عمر بن عبد العزيز أمام غرب الاتحادية عندما اصطف المصلون شرطة وجيشا وشعبا على أرض نجيلة الحديقة خارج المسجد.. وسباق بين المصلين لوضع ملابسهم ليصلوا عليها.
■ أنا شاهد على عصر وزارة حافظت على شرف الوطن والمواطن إنها وزارة الداخلية.
■ هناك أسرار لم تنشر بعد حول الدور الوطنى لرجال الشرطة منذ يناير 2011 فى الأحداث المهمة التاريخية التى عاشتها مصر.
قد يكون فى الكشف عنها إجابات تلحق الأذى بجهات وأشخاص.. لكنها فى المجمل.. مواقف بطولية ساهمت فى تصحيح مسار الشعب والبلد.
■ الشرطة كمهنة قد لا تجد إجماع حول عملها لأن خريطة العمل تبدأ بمقاومة المجرمين.. الحشاشين.. القتلة.. وتحارب أيضا التطرف وتطارد كل من يلحق الضرر بالبلد، يعنى شغلها فى كل قطاعات المجتمع وقد تجد لها معارضين وهم من تعمل ضدهم وفى المواقف السياسية التى واجهت البلد.. دفعت الشرطة ثمنا غاليا من حياة أبنائها والمنتمين لها ورجل الشرطة مظلوم.. لأنه تعود على عدم انتظار رد الجميل.. يموت فداء وتيتم أسرته وأولاده.
رجل الشرطة لا ينتظر منى أو غيرى حتى كلمة شكر..
عقيدة عمله تقول له ذلك.
رجل الشرطة يدفع حياته ثمنا لحمايتى وأسرتى والبلد.. دون أن ينتظر كلمة شكر.