السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عشق زويل صوت أم كلثوم وسندويتش الطعمية!

عشق زويل صوت أم كلثوم وسندويتش الطعمية!






عدت لقراءة مذكرات «د. أحمد زويل» للمرة الثانية هذه الأيام، وكانت المرة الأولى عند صدورها عام 2003 وعنوانها «رحلة عبر الزمن: الطريق إلى نوبل» وأدعو كل دراويش د. زويل وأيضا خصومه لقراءة هذه المذكرات البديعة.
فى كل صفحات المذكرات سوف ترى زويل عاشقا لمصر، عشقًا حقيقيًا وصادقا غير مفتعل يكفى إهداء كتابه الذى قال فيه: إلى مصر، لقد أنرت شعلة الحضارة منذ مهدك، فأنت أهل لمستقبل يضارع عراقة ماضيك، فلتكن رحلتى هذه شمعة تضىء الأمل لشبابك».
أما أهم ما لفت انتباهى قول د. زويل بفخر شديد: «ولو كانت نوبل قد ظهرت إلى الوجود منذ ستة آلاف سنة مضت حينما بزغت شمس الحضارة المصرية القديمة أو حتى منذ ألفى سنة بعدما أنشئت مكتبة الإسكندرية لكانت مصر قد حصدت العديد من جوائز نوبل فى كل حقول العلم».
ويضيف أيضا: «يعتقد كثير من الناس إنه بإمكان المرء أن يدرك النجاح بسهولة معتمدا على النبوغ وحده! وفى حالتى لم يكن طريقى فى الحياة سهلا ميسورا، فقد اعترض طريقى كثير من العوائق والتحديات! ولكن من الصغر وأنا أعرف قوة «عشق العمل» كما أننى أعرف أننى بطبيعتى إنسان متفائل.
وربما أكون قد ذهبت جينات حسنة من شأنها أن تؤجج بصيرة النفس!
وكثيرا ما يسألنى الصحفيون الأمريكيون: كيف تسنى لى أن أتبوأ هذه المكانة الحالية وذلك على الرغم من إدراكهم بأننى قد نشأت فى بيئة غير مؤهلة، وفى واقع الأمر فإن مولدى فى مصر لم يكن عائقا أبدا بينى وبين نجاحى علميا، كما أن طريق حياتى ما كان له أن يكون بالضرورة أكثر يسرا إذا قدر لى أن أكون قد نشأت فى دولة أخرى، فمصر قد غرست البذور بالطريقة الصحيحة، وأمريكا هيأت لى الفرصة المناسبة.
يتحدث زويل عن تعليمه فيقول: التحقت بمدرسة حكومية واجتهدت لأصل إلى أحسن ما يمكن وكان نظام تعليمى فى مصر نظاما ممتازا يقوم على المنافسة الشريفة، وحظى المعلمون بمكانة بالغة الاحترام والتقدير من تلاميذهم والمجتمع بأسره، وكان التعليم يمثل قيمة اجتماعية عليا باحترام وتقدير المجتمع كافة!
أما أسوأ شىء لا يزال عالقا بذاكرتى عن نظام الدراسة فهو كثرة الحفظ عن ظهر قلب المطلوب فى بعض الموضوعات مثل العلوم الإنسانية أو اللغويات، وكانت هذه الموضوعات تدرس بأسلوب جاف وصارم!
أما الموضوع الآخر الذى لم أسعد به ولم أحبه فهو أسلوب العقاب البدنى الذى كان متبعا فى المدارس الابتدائية، صحيح أن هذا العقاب لم يكن قاسيا أو مؤذيا جسديا للطلاب ولكن الفكرة كانت مهينة إنه سلوك لم يكن يتفق مع رسالة ووظيفة المدرسة أو سلوك المعلم وما كان يجب أن يكون عليه فى تعامله مع تلاميذه.
ولم ينس «د. زويل» أن يتذكر مذاق سندويتش الطعمية الذى كان يعده «عم إبراهيم» والذى كان يقف بعربته على مقربة من سور المدرسة أراقبه وهو يحضر العجينة ويضعها فى الزيت وما هى إلا دقائق معدودة حتى يعطينى إياها ساخنة، يا لها من وجبة! وما زلت حتى اليوم أستمتع بسندويتشات الفلافل وأحرص على تناولها دائما عند وصولى إلى القاهرة.
ويتحدث عن سيدة الغناء العربى «أم كلثوم» بكل الحب والتقدير، فيقول:
وخلال سنوات دراستى كنت أحرص على أن يكون المذياع بجوارى وأبحث عن صوت «أم كلثوم» عبر الأثير فى كل محطات الراديو، وكنت أجعل صوت أم كلثوم خلفية هادئة فى أثناء عملى فى غرفتي، ومنذ أربعين عاما وأنا أستمع وأستمتع بصوت أم كلثوم وقد أسهمت فى التأثير على وجدانى طوال هذه الفترة. وهذه الخلفية تساعدنى على الاستمرار فى عملى لساعات عديدة وأنا فى قمة السعادة والابتهاج.
واللافت للانتباه أن د. زويل يذكر ويتذكر بكل الامتنان والعرفان أسماء كل المدرسين الذين تلقى العلم على أيديهم وحتى تخرجه فى الجامعة.
ولا ينسى د. زويل أن يستعرض مشاكل مصر الاجتماعية والاقتصادية ويؤكد أن تلك المشكلات ليست مستعصية على التخطى والحل، فمصر غنية بالموارد البشرية وبالتاريخ وتتمتع بالتقدير والاحترام العالمى لها وهناك عامل إضافى آخر ألا وهو ولع المصريين وحبهم لمصر والذى يجعل من اعتقادى فى قدرة مصر على التغلب على هذه المشكلات اعتقادا راسخا.
أريد أن أقول إن مذكرات د. زويل تحفة إنسانية كتبها بصدق وترجمها بدقة «د. مصطفى محمود سليمان» رئيس قسم الجيولوجيا بكلية العلوم جامعة الزقازيق.
رجائى من المثقف الكبير المحترم «د. فوزى فهمى» رئيس اللجنة العليا لمشروع مكتبة الأسرة أن يبادر بنشر هذه الذكريات حتى يقرأها من لم يستطع قراءتها فى طبعتها الأولى سنة 2003، ورحم الله د. زويل.