السبت 20 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وثائقيات الجهل والسم

وثائقيات الجهل والسم






إذا كنت من مشاهدى قناة «الجزيرة» الوثائقية «أرجوك وأدعوك أن تنتبه جيدا للأدوار الخفية- وربما الشيطانية - التى تقوم بها عن عمد وسوء قصد ونية»!
ليس هذا رأيى ولكنه خلاصة ما توصلت إليه بعد قراءاتى لملخص الدراسة الممتازة والرصينة للزميلة «د.آمال عويضة» وهى أيضا رسالتها للدكتوراه والتى نشرت الأهرام ملخصا وافيا لها منذ فترة!
ولعل أخطر ما يلفت الانتباه - حسب ما جاء فى الدراسة - أن قناة الجزيرة الوثائقية تتحاشى إنتاج أو بث الأعمال ذات التوجه البحثى الموضوعى أو التنويرى!! وذلك فى ضوء انضواء القناة تحت وصاية الدولة، حيث ينص المرسوم الأميرى- أمير قطر- على أن أموال القناة إجمالا الثابتة والمنقولة من الأموال العامة المملوكة للدولة ملكية خاصة وتخضع لأحكامها، واستثناء من ذلك لا يجوز الحجز عليها لاستيفاء أى دين!! كما لا يجوز اكتساب ملكيتها بالاستيلاء أو التقادم مهما طالت مدته!!
وإجمالا تضخ الإمارة سنويا ملايين الدولارات لتشغيل الشبكة دون عوائد مجزية! وتظل قيمة الميزانية الإجمالية بمثابة خط أحمر لا يجوز الاقتراب منه بالسؤال أو البحث، وإن كان هناك اتفاقا يتعلق بتحديد متوسط تكلفة «دقيقة» الإنتاج للأعمال الوثائقية بنحو «ألف دولار» مما رفع سقف المنافسة لصالح الشبكة التى استأثرت بسوق إنتاج الوثائقيات لصالح شركات بعينها! ومن أجل موضوعات بعينها!
على سبيل المثال اهتمت القناة بإنتاج عشرات الأعمال بميزانيات ضخمة عن «الحراك العربى» اهتمت فيه بدعم تيار الإسلام السياسى فى الوقت الذى امتنعت فيه عن متابعة ما يحدث فى منطقة الخليج عموما وقطر على وجه الخصوص!
وتضيف د. آمال عويضة: من جهة أخرى وقعت القناة فى فخ الانقياد بموضوعات أعمالها إلى مدح بعض الدول والمؤسسات والأفراد المتفقين مع توجهاتها أو فى فخ «المناسباتية» كذلك، وعلى الرغم مما تتمتع به القناة من إمكانات وفرق مهنية إلا أنها لم تتمكن من حيث الشكل من تنويع أشكال المادة المقدمة «باستيعاب الفرق بين الفيلم والتحقيق والمجلة والتقرير والخبر»، فضلا عن قولبة أعمال القناة فى إطار نمط بعينه مع فرضه على الشركات المتعاونة التى خلقت لنفسها نوعا من الرقابة الذاتية لنيل الموافقات الإنتاجية.
ومن حيث المضمون لم تنجح القناة فى التمهيد أو التأسيس لتيار معروف واع أو حفر عمق ثقافى، وذلك باعتمادها على الأعمال المستوردة بما يترتب عليه حرمان المتلقى من التنوع الإيجابى بتعريضه لمضمون لم ينتج خصيصا له، بينما ركزت فى أعمالها المنتجة على الموضوعات الإخبارية ذات الصيغة السياسية والتى تهتم بتناول التاريخ المعاصر، وتحاشت فى الوقت نفسه الدفاع عن الفئات المستضعفة من الأقليات الدينية أو العرقية والنساء وذوى الاحتياجات الخاصة!!
ومن خلال الدراسة أيضا لاحظت المؤلفة عدة أشياء على درجة كبيرة من الخطورة والأهمية التى ربما لا يلتفت إليها المشاهد فتقول:
كذلك قصرت القناة أعمالها المقدمة للدفاع عن الدين الإسلامى على التوجه الدعوى وتبنت القناة الدفاع عن «إسلامية فلسطين» مقابل عروبتها!! والتحيز لصالح تيار بعينه فى قطاع غزة والتقليل من شأن تيار آخر استقر فى رام الله، لتأتى أعمال القناة تقريرية دعائية عالية النبرة، مدرسية القالب، تمارس النقل السطحى للواقع بالاعتماد على عنصر المقابلات، وهو ما يكشف تعثر القناة فى إثارة أو تشجيع حوار ذكى وموضوعى! أو أن تكون إضافة فعلية للمساهمة فى دفع وتنوير المجتمع نحو الوعى والحرية، أو تشكيل نقلة نوعية فكرية ذات رسالة واضحة، واستراتيجية مدروسة تعمل لصالح الهوية العربية والانتماء القومى والتنمية الاقليمية فى الداخل، أو تسعى لتصحيح صورة أو نقل وجهة نظر موضوعية إلى الخارج.
لا توجد قناة محايدة أو تبث لوجه الله والوطن والمشاهد، ولعل الجزيرة الوثائقية بكل سمومها وجهلها خير شاهد على ذلك!!