
صبحي مجاهد
فتاوى تفصيل
نعانى فى مجتمعنا اليوم من أزمة فهم حقيقية لا تتعلق وحسب بأمور السياسة والاقتصاد أو حتى الأمور الاجتماعية وإنما تتعلق كذلك بفهم الدين نفسه، والسبب أن كثيراً من الناس أصبحوا يبحثون عما يريح نفوسهم، وحياتهم بصرف النظر عما يتفق مع الدين من حلال أو حرام.
والعجيب فى كل هذا أن الشخص يظل يسأل كثيرا عن مسألة فى حياته بين أكثر من عالم كى يصل فى النهاية لفتوى هو يريدها ويبحث عنها.. وبمعنى آخر فتوى تفصيل.. وقد يتعمد فى سبيل ذلك إخفاء بعض الأمور فى مسألته، ولا يعلم انه بذلك قد ضل وأضل، وانه أراح ضميره بالسؤال إلا أنه لم يوافق الدين فى عمله.
وفى خضم هذا التخبط من الأفراد للبحث عن فتوى تفصيل يظهر علينا عالم أو اثنان يساعدون الناس فى التمادى فى الخطأ بدعوى استفتاء القلب، فنرى عالما يقول للشخص هناك من يقول كذا وهناك من يقول كذا فى الأمر الذى تسأل عنه ولك ان تختار، وكأن الفتوى أصبحت بالاختيار وليست بتطبيق شرع الله.
وآخر ما سمعنا أن يقال إن هذه الطريقة توافق شرع الله مستدلين بحديث: «استفت قلبك ولو أفتاك الناس افتوك» نعم استفت قلبك فيما تعرف انه الحق، ولكن لا تستفتى قلبك فيما لا تعرف عنه شيئا، كمن يستفتى قلبه فى الالتزام بالصلاة فى أول وقتها رغم أن غيره يفتيه بتأخيرها حيث يوجد وقت، ففى هذا معنى لفتوى القلب... لكن لا تستفتى قلبك فى امر لا تعرف حكمه، أو تعرف آراء مختلفة فيه ولا تستطيع التفصيل أو فهم الاختلاف.
إن الفتوى أمانة والمفتى هو موكل فى توضيح شرع الله لا أن يضلل الناس فيه، ويعطى لهم المبرر من الدين بأن يفعلوا ما يريدون وهم فى راحة ضمير... وعلى هؤلاء الذين ضلوا الناس ببعض ما عندهم من علم أن يعلموا أنهم مسئولون من الله تعالى عما فعلوه فى شرعه الذى أنزله لهداية الناس وصلاح حالهم، ولا استطيع أن أتقبل أن أحدهم يقول إنى أبين الأدلة من القرآن والسنة للسنة دون فتوى مع أنه يتبنى رأيا وفتوى يقولها للناس من خلال لى أعناق الآيات.
وأقول لمن يريدون ان يكونوا على مقربة من رضا الله لا تتبعوا اهواء نفوسكم مستغلين ظهور عالم أو اثنين يبيحون لكم من الدين ما ليس فيه... وتسمعون له وتقولون أنها فتوى معاصرة وتصمون آذانكم عما يقوله جمهور العلماء... ولا تتبعوا المثل القائل «علقها فى رقبة عالم وارميها البحر» لان ذلك لن يكون لك مهربا من السؤال يوم القيامة... بل سيكون هو هلاكك يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم... هدانى الله وإياكم لما يحبه ويرضاه.