الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
سيد حجاب.. حالة فريدة فى الشعر والغناء

سيد حجاب.. حالة فريدة فى الشعر والغناء






رحل عمنا «سيد حجاب»، الذى ملأ الدنيا شعرا وغناء، وترك فى قلوبنا غصة لا يمحوها الزمن، كان –رحمه الله- حالة فريدة فى حياتنا الثقافية، يشع نورا ومحبة أينما حل أو ارتحل، متوافقا ذاتيا ونفسيا متصالحا مع الحياة والناس، فرغم نجوميته الطاغية إلا أنه استطاع أن يصنع توازنا لم يصنعه قبله أحد من الشعراء الكبار أبناء جيله، لم أجد من يختلف على محبة سيد حجاب ولا على أشعاره أو أغانيه، كان يلبى كل دعوة وجهت إليه للمشاركة فى مؤتمر هنا أو هناك، أو إقامة أمسية له فى محافظة من المحافظات، لذا كان تليفونه لا يكف ولا ينقطع عن الرنين من تلاميذه ومحبيه الذين يريدون الاطمئنان عليه، فيرد عليهم بحنان أبوى وبحميمية حقيقية.
كان لنشأة سيد حجاب فى مجتمع الصيادين على ضفاف بحيرة «المنزلة» بمدينة المطرية بمحافظة الدقهلية، أثر كبير على شخصيته وتكوينه الشعرى، حيث تربى على أغانيهم وحمل موروثهم الشعبى الثرى، فبزغت موهبته فى سن مبكرة حيث كان يجالس كبار الصيادين يستمع إلى أشعارهم التلقائية فيما يشبه المباراة، التى كانت تدور رحاها ليلا على المصاطب المبنية من الطوب النى أمام البيوت، وكان والده هو المعلم الأول الذى علمه الشعر، والذى كان يخوض هذه المباريات الشعرية ببسالة، بدأ «سيد» يسجل ما يستمع إليه من أشعار وأغان فى ليالى السمر هذه، من أبيه ورفاقه من الصيادين، وبدأ يقلدها بعد ذلك فيما يشبه القصائد، وقد ظهر ذلك جليا فى ديوانه الأول «صياد وجنية» الذى كان متأثرا بعوالم الصيادين ومفرداتهم، وخلق حالة فنية فريدة فى ذاك الوقت مع رفيق دربه الفنان التشكسلى الكبير عبد المنعم السحراوى، حيث كان يترجم قصائد «حجاب» إلى لوحات فنية تشكيلية، وقاما بعمل مشترك لمدينة المطرية، تحت عنوان: «بلدنا بحيرة ومدنة» من أشعاره، ورسوم السحراوى.
وبعد انتقال «حجاب» إلى القاهرة، انخرط فى الحياة الثقافية والسياسية، وكان وطنيا مخلصا يدافع عن كل القيم الحميدة وعن الإنسانية بمعناها الجليل، فى تلك الفترة التقى بصلاح جاهين الذى قدمه فى مجلة صباح الخير فى بابه «شاعر جديد يعجبنى» وتنبأ له بمستقبل باهر فى الشعر، وقد تحققت نبوءة جاهين بعد ذلك، كما التقى فى تلك الفترة برفقاء دربه من الشعراء عبدالرحمن الأبنودى، من خلال الندوات والأمسيات التى كانت تقام هنا أو هناك، وقد نشأت بينهما صداقة قوية واشتركا فى تقديم برنامج إذاعى بالتناوب كل منهما 15 يوما، وبعد فترة انفصلا وأصبح كل منهما يقدم برنامجا خاصا به، وسرعان ما بزغ نجم سيد حجاب، من خلال برامجه الإذاعية الشعرية، والأعمال التلفيزيونية، والسينمائية، التى استطاع أن يصل لقطاع كبير من الناس من خلالها، وأصدر عدة دواوين، أذكر منها: «صياد وجنية»، «إتنين فى العتمه»، «رباعيات البحر» كانت بمثابة نقلة نوعية وتجديد فى مجال شعر العامية المصرية، بانتقال القصيدة من حالة الزجل إلى الشعر الصافى الذى تفوق فى أحيان كثيرة فى صوره على شعر الفصحى، صنع هذه الحالة المتفردة وسط كوكبة من الشعراء الكبار أبناء جيله، الأبنودى، ونجم، وسمير عبدالباقى، وزين العابدين فؤاد، ومجدى نجيب، وغيرهم من الشعراء.
وعندما دخل سيد حجاب مجال الأغنية غنى له عدد كبير من المطربين والمطربات، منهم: صفاء أبوالسعود، محمد منير، وسميرة سعيد، وعلى الحجار، منى عبد الغنى، عفاف راضى، عبد المنعم مدبولى، ثم كتب أغانى لفريق الأصدقاء، وأغانى للأطفال، وكتب العديد من فوازير رمضان لشريهان، وغيرها.
لكنه ترك بصمة لا تمحى من خلال ما قدمه من حالة فريدة وجديدة فى مجال تترات المسلسلات، الذى تربع على عرشها منذ أن كتبها إلى أن رحل عن عالمنا منذ أيام قلائل، لتبيع المسلسلات على حس أغانى سيد حجاب، ويحفظها ويرددها الشارع المصرى والعربى، منها أغانى مسلسلات، ليالى الحلمية، أرابيسك، مين ما يحبش فاطمه، بوابة الحلوانى، العائلة، الأيام، المرسى والبحار، عصفور النار..إلخ، وهو القائل: «ما تسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا.. وما تنتهيش دا احنا يادوب إبتدينا».. رحم الله عمنا الكبير سيد حجاب.