الجمعة 5 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مسارح منسية.. حريق ليسيه الحرية

مسارح منسية.. حريق ليسيه الحرية






جاء الخبر العابر بأنه فى السابع من فبراير 2017، تفقد اللواء خالد عبدالعال مساعد وزير الداخلية لأمن القاهرة موقع حريق مسرح ليسيه الحرية، وقد اطمأن مدير أمن القاهرة خلال تفقده للمسرح على انتهاء أعمال الإطفاء والتبريد التى قامت بها قوات الحماية المدنية، ووجه بسرعة إعداد تقرير المعمل الجنائي، للوقوف على أسباب الحريق، وقد تبين من المعاينة أن النيران التهمت كميات كبيرة من المقاعد وبعض أجزاء خشبة المسرح، وكافيتريا داخله.  إنه المسرح الجميل الأنيق الذى هو جزء من تفكير القاهرة الخديوية ومسارها التاريخى الحضارى الذى ظل مستمراً حتى أوائل السبعينيات من القرن العشرين، عندما كانت منطقة (وسط البلد) هى التجمع السكنى الحضارى الذى يضم أهم المتاجر والمطاعم وأماكن السمر والسهر ومقاهى المثقفين، وفى الصدارة دور العرض المسرحى، المنتشرة من شارع الشيخ ريحان إلى عماد الدين ومنطقة حديقة الأزبكية وامتداد ذلك لشارع رمسيس الذى يحتوى على مسرح الهوسابير ومسرحى نقابة المهندسين والزراعيين، وكانت الدولة قد حصلت لنفسها على مسرح محمد فريد، ومسرح ملك، وظل مسرح الريحانى ملكا للورثة الأصليين، ناهيك بالطبع عن المسرح القومى الذى أعيد افتتاحه (2014) بعد حريقه الشهير الذى لم تسفر تحقيقاته حتى الآن عن إدانة أحد وكأن شيئا لم يكن.
اللافت للنظر أن كل تلك المسارح مغلقة معظم الوقت تقريبا بعد أن انسحب عنها نجوم الفن لتركهم العمل بالمسرح نحو السينما والدراما التليفزيونية، واتجاه الجدد منهم لمناطق أقل ازدحاما من وسط المدينة فى مدينة السادس من أكتوبر أو غيرها، إن تلك المسارح المغلقة المنسية أعادها للذاكرة حريق ليسيه الحرية الذى قدمت عليه فرقة الفنانين المتحدين للمنتج المبدع سمير خفاجى روائع من البهجة والجمال، وقد كدنا أن ننسى ليسيه الحرية الأنيق من الذاكرة لغيابه الطويل عن العمل، ويذكرنا حريقه بأننا لابد من النظر بجدية كمجتمع مدنى وكدولة لتلك المسارح ودور السينما التى تغلق وتحرق ويتم تخريبها، ثم بيعها أو تغيير نشاطها، وخطورة ذلك على الذاكرة الحضارية التاريخية لمركز العاصمة الثقافى القديم، الذى يمكن استعادته بسهولة بالتنسيق مع الإدارة العامة للمرور وجهاز التنسيق الحضارى ومحافظة القاهرة والفنانين والمنتجين ووزارة الثقافة، وربما نقابة المهن التمثيلية والتى أعاد نقيبها د.أشرف زكى مسرح هدى شعراوى للحياة بعد حصول النقابة عليه، وهو الدور الذى يمكن أن يمتد لإضاءة مصابيح النور والجمال فى قلب العاصمة القديم، الذى لا يجب تركه ليموت، بل ليعود بحضوره التاريخى حيا ممكنا كجزء من الدور المهم الذى تقوم به الدولة لإعادة تجديد البنايات التاريخية (بوسط المدينة) ومنع حركة السيارات ببعض شوارعها، وهو الأمر الممكن تكراره لاستعادة مسارحها ونظافتها ودور عرضها السينمائى وإجلاء الباعة الجائلين ومظاهر القبح والزحام العشوائى بها، وإعادتها مركزا حضاريا للفن والتنزه وللمتاجر المتميزة، إنها ضرورة ممكنة فى إطار سعى مصر الآن لاستعادة هويتها الحضارية ودولتها الحديثة.