الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد جمال عمرو.. و«شدو الألوان»..!!

محمد جمال عمرو.. و«شدو الألوان»..!!






تعرفت على الشاعر المبدع محمد جمال عمرو لأول مرة فى الشارقة بدولة الإمارات العربية، فى شهر إبريل عام 2015، كان ضمن الوفد الأردنى المشارك فى مهرجان الطفل القرائى، وكنت ضمن الوفد المصرى، جذبتنى شخصيته الدمثة وذوقه الرفيع، وشاعريته العذبة، وإخلاصه لمشروعه الإبداعى الكبير فى أدب وثقافة الطفل، وكثيرا ما جمعتنا -طيلة أيام المهرجان- جلسات السمر فى الفندق أو فى الندوات وورش العمل، أو فى رحلات السفارى الليلية فى الصحراء البديعة، وفى أحد أيام المهرجان رافقنى للتسجيل فى تليفزيون «الظفرة» حول مشاركتنا فى المهرجان، وقبل أن ندخل إلى الاستديو اصطحبنا أحد الفنيين إلى الكوافير الخاص بالقناة، وكان الذى يقوم بعمل المكياج فتاة سورية فى غاية الروعة والجمال، وما إن جلست أمامها على الكرسى وأسلمت لها وجهى، إذ راح هو يلتقط لىّ بعض الصور والفتاة تضع لىّ المكياج، ولم أر هذه الصور إلا بعد أن انتهينا من تسجيل الحلقة، وخرجنا من الاستديو وركبنا سيارة القناة التى ستقلنا إلى الفندق، فى الطريق أخرج هاتفه المحمول، وقال لىّ: ما رأيك فى هذه الصور؟ وكانت مفاجأة بالنسبة لى، ورحنا نضحك عليها بشكل هستيرى، وقال لى: هذه الصور سوف أرسلها للمدام.  
 أذكر أنه فى إحدى جلسات الاستراحة بين الندوات جلسنا نحتسى الشاى ونتناول بعض المأكولات الخفيفة، وإذا به يقرأ علينا بعض قصائده الجديدة للأطفال، وقد أعجبت بتلك القصائد التى كتبها بحس طفولى جميل، وخاصة قصيدة «شدو الألوان»،  وقبل أن ينتهى المهرجان بأيام طلبت منه أن يرسل لىّ هذه القصائد كى نطبعها له فى كتاب ضمن سلسلة «سنابل» التى أدير تحريرها بهيئة الكتاب، وقد رحب جدا بهذه الفكرة، وقال لى: أن أول كتاب طبع له فى حياته كان فى مصر، وأن الشاعر الكبير إبراهيم شعراوى كتب عنه كتابا طبع فى هيئة الكتاب، ووعدنى بارسال القصائد بعد أن يعدها على هيئة كتاب، انتهت أيام المهرجان، وعدت إلى القاهرة، وعاد هو إلى الأردن، وظللنا منذ هذا التاريخ نتواصل بشكل شبه يومى على الفيس بوك.
وبعد مرور عدة أشهر من تاريخ المهرجان، قال لى على الخاص: إنه سوف يأتى إلى القاهرة للمشاركة فى مهرجان «الدمى وخيال الظل» التى ستقيمه الهيئة العربية للمسرح بدولة الإمارات العربية هذه الدورة بالقاهرة، وبالفعل أتى للمشاركة فى المهرجان، وحمل معه ديوان الأطفال المخطوط الذى يرغب فى طباعته فى السلسلة، وقضيت معه أوقاتا طيبة فى الاستماع إلى الحكائيين الذين أتوا من الأقطار العربية الشقيقة، من تونس والجزائر والمغرب، والسودان، والأردن، وفلسطين وغيرها، كما حضرت بعض الندوات عن الدمى والأراجوز وخيال الظل، وعروضهم المبهجة، كانت دورة ناجحة وثرية، وسرعان ما انتهت أيام المهرجان ليعود إلى بلده الحبيبة.
بعد صدور ديوانه «شدو الألوان» فى السلسة، أبدى رغبته فى الحضور إلى القاهرة لإقامة حفل توقيع للكتاب، وأرجأت هذا التوقيع لحين انعقاد معرض القاهرة الدولى للكتاب ليكون التوقيع ضمن فعالياته، وبالفعل وضع فى برنامج المعرض، وحضر إلى القاهرة على نفقته الخاصة، والتقينا فى المعرض وقضى معنا أياما جميلة أمضيناها فى حضور بعض الندوات والأمسيات الشعرية، والمرور على أجنحة الكتب، والالتقاء ببعض الأصدقاء من الكتاب المصريين والعرب.
وصبيحة يوم توقيع كتابه بمخيم «فنون الطفل» الذى كان يشرف عليه صديقنا الباحث أحمد توفيق، كنت أفكر، كيف يكون شكل هذا اللقاء؟، وما إن حان موعد التوقيع، وقدمته لجمهور المخيم الذى امتلأ عن آخره بالأطفال وبعض من كتاب ورسامى الطفل الذين أتوا خصيصا لحضور هذا اللقاء، دهشت من مقدرة الرجل على جذب الأطفال إليه فقد تحول إلى حكاء ماهر، وقص عليهم لماذا سمى بـ«جمال»؟، فقد سأل والده ذات يوم، قائلا: يا أبى لماذ سميتنى بجمال؟، قال له والده: لأننى أحب الرئيس جمال عبد الناصر، وهنا انفجرت القاعة بالتصفيق، وراح الرجل يقرأ عليهم من أشعاره الفصحى الرائقة، وكان قد أحضر معه «فلاشة» محمل عليها بعض أغانيه الملحنة والتى تقدم ضمن برنامج إذاعى فى الأردن، يقوم بكتابة الأغانى له، واستمع الأطفال إلى تلك الأغانى التى طربوا لها وتجاوبوا معها كثيرا، وفى نهاية الحفل، راح يوقع نسخ الديوان لأطفال المخيم الذين تحلقوا حوله مثل الفراشات الملونة فى حب ومودة، وتمنوا ألا ينتهى هذا التوقيع الجميل، وكان عليه فى صباح الغد أن يتركنا بعد أن تعلقنا به كثيرا ويعود إلى وطنه الجميل، وقد ترك فى قلوبنا محبة كبيرة له.. دمت مبدعا يا صديقى.