الجمعة 10 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
قصائد ضد الحرب.. لوسام الدويك..!!

قصائد ضد الحرب.. لوسام الدويك..!!






ديوان «قصائد ضد الحرب» للشاعر وسام الدويك، الصادر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، يقع فى اثنى عشرة قصيدة، تنتمى جميعها إلى قصيدة نثر الفصحى بما تحمل هذه القصيدة من رؤى وملامح ومواصفات خاصة، وميزات تميزها عن قصيدة التفعيلة، حيث تتخفف من المجاز القديم، واللغة المعجمية وتلجأ إلى التعامل مع اليومى والمعيش وشعرنة العادى.
كتبت قصائد هذا الديوان على فترة زمنية طويلة استغرقت عدة سنوات تجاوزت الخمس سنوات، وكما كتب الشاعر بنفسه فى بداية الديوان: «كتبت قصائد الديوان من عام 2009 حتى 2015» فقد جرت فى النهر مياه كثيرة، ومرت بمصر والوطن العربى أحداث جسام طوال هذه السنوات، شهدت ارهاصات ماقبل ثورة 25 يناير، تمثلت فى الاضرابات والاعتصامات التى ضربت كل مؤسسات الدولة الحكومية والأهلية، وحركات التمرد على السلطة الحاكمة وغيرها من أحداث، ثم وقعت ثورتا 25/ 30 وما تلاهما من أحداث.. ما زالت مصر والوطن العربى يشهدون توابعها، وهذه الأحداث بالفعل ممثلة –بشكل أو بآخر- داخل قصائد الديوان، وأقصد بالديوان بأن كل قصائده تتحدث عن الحرب بما تعنى هذه الكلمة من معنى شمولى.
فبداية من عنوان الديوان بما أنه العتبة المركزية لقراءة الديوان «قصائد ضد الحرب»، مرورا بالاهداء، فقد جاء على النحو التالى: «إلى كل الشهداء» وما أدراك ما الشهداء الذين وقعوا فى تلك السنوات العجاف، وهو ما يتماس مع العنوان الرئيسى ومع مضمون الديوان، كما باستهلال شعرى يؤكد ما ذهبنا إليه، يقول فيه: «الدم.... شهوة/ واللحم –وإن كان بشريا، أو بمعنى أدق لأنه بشرى- صار شهوة/ وقطع الطريق بين الانسان والحضارة/ ألذ فى أفواه كبار العسكر/ من طعم (شيكولاتة الصحراء)، فهو مفتتح يدل أيضا على الحرب، وما يحدث فيها من إراقة للدماء، واستباحة اللحم البشرى، وغيرها من جرائم الحرب التى تقشعر لها الأبدان، فالقصائد التى وردت فى الديوان، وكتبت قبل الثورة كانت منبئة بها، أما بقية قصائد الديوان فجميعها تتحدث عن الحرب، فعلى سبيل المثال قصيدة (حفارو القبور لا يأكلون شيكولاتة الصحراء) تحفل بالحديث عن الحرب وما يحدث فيها من موت جماعى، ومقابر تضج بالموتى، فيصبح الدم –فى الحرب- بلا حرمة.
كما أن الديوان يحتفى بالموت والموتى الناتجان عن الحرب، لتصبح  مفردة الموت هى الأكثر تكرارا فى الديوان، ففى قصيدة (مسافة القصف) يقول: «فى الموت متسع للجميع/ وللموت وردة تطلع كل يوم/ من رائحة البارود» وكأن الموت هو الخلاص من هذه الحياة الأكثر حزنا وسوداوية، ورغم ذلك نرى أن الشاعر يمقت الحرب ويدلل على ذلك فى نفس القصيدة: «ضدان أنا والوقت/ ضدان أنا والحرب» ويختتم هذه القصيدة بقوله: «أمم أمم تتهافت على مسامعى/ همهمات وأنين: «لا تذكرنا بالحرب/ لا تذكرنا بالحرب/ لا تذكرنا بالحرب» إنه بالفعل ديوان كل قصائده تدور فى فلك الحرب والنصر والهزيمة، والموت، والدم، والدخان، وصوت البنادق والمدافع.. إنه يمقت القتل والدم.
هذا الديوان ينم عن أن وراءه شاعر متميز ومتمرس استطاع أن يسخر قدراته الفنية جيدا، ويوظفها لخدمة مضمون القصيدة، علاوه على أنه استطاع أن يوظف اليومى والعادى والمعيش، ويحوله من كلام عادى إلى شعر خالص، وإلى سرد شعرى.
كما لجأ إلى التضمين ليدلل على أفكار قصائده، وما يتواءم مع معطياتها وروحها، كما جاءت لغنة الشعرية بسيطة وراقية وموظفة بدقة لخدمة مضمون القصائد.. إنه ديوان متميز لشاعر أكثر تميزا ننتظر منه الكثير فى دواوينه القادمة.