الإثنين 8 سبتمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
وحدة النقد والإبداع

وحدة النقد والإبداع






أقام المجلس الأعلى للثقافة الأسبوع الماضى فعالية مهمة عن النقد بعنوان الدكتور عبد القادر القط الناقد الكبير، كما طبع المجلس مقالاته التى كان يكتبها للأهرام فى كتاب خاص، ولا شك أن اهتمام الدكتور أحمد درويش مقرر المؤتمر بتوسيع دائرة محاور النقد لتخرج خارج النقد الأدبى لتضم الدراما وغيرها لهو أمر يدرك عمق الحساسيات المشتركة بين الأدب والدراما، بل بين أنواع الفنون المختلفة ببعضها البعض وبعلاقتها بالأدب.
وقد حرص الكاتب الصحفى حلمى النمنم وزير الثقافة على حضور فعاليات المؤتمر وصرح بأن النقد يعانى فى مصر الآن من مشكلة وهى خروج النقاد نحو الكتابة الإبداعية فى الرواية والقصة وذلك بحثا عن الجوائز، وهى ملاحظة تكرر ذكرها من وجهة نظره فى أكتوبر من العام الماضى بشأن ملاحظته غياب النقد المسرحى التطبيقي، ووقتها طالبت د. هيثم الحاج بإعادة إصدار مجلة المسرح الشهرية المتخصصة التى ظلت لسنوات طويلة مدرسة للهواة والمحبين والدارسين وأهل المسرح فى مصر والوطن العربى عندما كانت تصدر عن الهيئة المصرية للكتاب، ووعدنى آنذاك بصدورها خلال شهر، ولم تصدر مجلة المسرح حتى الآن.
أما ما أثار اهتمامى فهو رأى السيد وزير الثقافة حول هروب النقاد للكتابة الإبداعية سعيا وراء الجوائز هو الأمر الذى أود أن أؤكد لسيادته أنه وارد فى تاريخ المبدعين والإبداع المهم فى مصر والعالم، ففى مجال المسرح كان برتولد برشت المؤلف والمخرج الألمانى الأشهر والأكثر تأثيرا فى المسرح الحديث فى العالم كله يمارس الكتابة النقدية ويظل كتابه الأورجانون الصغير بمثابة العقل النقدى للمدرسة الملحمية فى المسرح فى العالم كله، وأيضا مارس النقد أساتذة كبار بحجم د. محمد مندور رحمه الله، ومارس كتابة الشعر والقصة أحيانا وبالتأكيد ليس سعيا وراء الجوائز، فمفهوم رجل المسرح أو مفهوم رجل الأدب لا يضع حدودا فاصلة بين الممارسة الإبداعية والممارسة النقدية إذا كانت الممارسة الإبداعية لا تستهدف إلا مشروعا ثقافيا للكاتب أو للفنان.
وقد عرف العالم كله نماذج للفنان الشامل المتعدد المواهب مثل الشاعر والممثل وكاتب السيناريو والمؤلف المسرحى والناقد الاجتماعى عبر رسومه فى فن الكاريكاتير المبدع الكبير الراحل صلاح جاهين، وللشاعر الكبير صلاح عبدالصبور إسهاماته النقدية المهمة بجوار مشروعه الإبداعى الكبير، الغائب والمتأخر هو مجموعة الحوافز الضرورية وحزم التشجيع وتهيئة المناخ لعودة النقد، ويأتى ذلك بعودة المجلات المتخصصة عن وزارة الثقافة وإصدارها بشكل لائق، عودة المجلات المحكمة، الدعوة لعودة النقاد المختصين للصحف الكبرى وتهيئة مساحات نقدية بعيدا عن النقد الانطباعى بشكل منتظم كما كان يفعل الأهرام مع د. عبد القادر القط وجيله، لأن ناقدا سبعينيا واحدا لا يصنع مناخا، ولأن غياب القدرة على قبول النقد وتنفيذ وفهم ما يأتى به النقاد، لغياب العقل النقدى عن إدارة مؤسسات السلطة الثقافية الرسمية التى يرفع قادتها القضايا ويصيحون ردا على النقاد بينما تعانى مهنة النقد بل وتكاد كنقد تخصصى تصبح مهنة تاريخية أوشكت على الانقراض فى مصر، لولا بعض من أهل الوعى والإرادة والإدراك.