
هناء فتحى
ميلانيا وترامب.. الحب بالعافية!
قولوا لى: ماذا يعنى فى تخيلكم كل هذا الهوس الذى دفع ملايين البشر- ونحن معهم - حول العالم للتكالب على مشاهدة فيديو مجمع بثته كل وسائل التواصل ووسائل الاعلام العربية والعالمية، تظهر فيه سيدة أمريكا الأولى ميلانيا وهى تزيح كف زوجها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب كىّ لا يمسك يدها حين حاول فعل ذلك، وأمام كاميرات العالم التى رافقتهما فى رحلتهما التاريخية- ومعهما العائلة الترامبية- التى زاروا فيها المراكز الدينية الثلاثة فى البلدان الثلاثة التى تمثلها: السعودية ودولة الاحتلال الإسرائيلى والفاتيكان.
فى البلاد الثلاثة لم تسمح زوجة الرئيس للرئيس بأن يمسك يدها، لكنها سمحت له بذلك فى ايطاليا البلد الذى اختتموا فيه رحلتهم لحضور قمة الدول الصناعية السبع فى صقلية، ليس ذلك فقط بل انها استبقت خطاب زوجها للقمة وألقت كلمة فجائية وغير متوقعة على الحضور قالت فيها: «زوجى يكد ويتعب فى سبيل خير البلاد، أنا فخورة به»، ما جعل الزوج يبدو منتشيا وهو يرد على التحية بأفضل منها موجها شكره لزوجته العصية عليه قائلا: «انها أفضل ممثل ممكن لبلادنا»!
تنويه: لم ينتشر لا على مواقع التواصل ولا فى مجمل وسائل الإعلام الفيديو الذى يظهر الزوجين وهما يمسكان بكفى بعضهما أثناء هبوطهما من الطائرة الرئاسية التى حطت بهما فى مدينة تورينو بجزيرة صقلية الإيطالية، علشان دى حركة ملعوبة، بينما انتشر الفيديو الأول لأنه عفوى وصادق، بل يروق لنا كثيراً.
ماذا يعنى هذا سوى أننا تعساء يرضينا ويريحنا مشاهدة تعاسة الآخرين، وكأن تعاستهم تحول جبال الحزن بداخلنا إلى تل صغير، تهدئ من روعنا، تفشّ غلنا، أو ربما نحنُ أيضًا فى حاجة إلى كتب الطب النفسى تشرح لنا لماذا نصل إلى هذهِ الحالة القصوى من الغبطة والسرور، نحنُ عامة الشعوب الحزينة، حين نشاهد «الكبارات» وهم ينهارون ويقعون فى نفس أوحال احزاننا المتجلطة، فماذا لو كانت بقى وشوف انت هى زوجة أكبر وأغنى وأهم وأقوى وأعنف رئيس دولة تقدر تهد بلدك فوق دماغك ومعاها قرار شفوى من الامم المتحدة.
فى هذه الرحلة التى امتدت لـ9 أيام ولخصت لنا كيف يعيش هذا العالم الزائف الماكر النصاب، فميلانيا التى عكست ملامح وجهها وحركات جسدها الرافض اقتراب زوجها فحوى وحقيقة علاقتهما معا، لم تعمها مثل ملايين الزوجات أمواله الطائلة ولا نفوذه الجبار ولا قوته الهائلة فى الانصياع لعرشه ومكانته، انصاعت فقط لاوامر البروتوكول الرئاسى حين تحدث العالم عن الفيديو الاول. وصارت قصتها فضيحة بجلاجل وشخاليل، فجاء الفيديو الثانى - بأوامر عليا - ليدحضا فيه أقاويل العوازل الشامتين، لكنهما (ميلانيا وترامب) بدوا اكثر بؤسا فى عيوننا، فلم يفلح البروتوكول الرئاسى ان يمحو ما انطبع فى عيوننا منذ البداية، وما المانع أن تكون زوجة أغنى أغنياء العالم ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية تعيسة.. تماماً مثلنا.
على العكس منها بدا الرئيس الأمريكى فى نهاية رحلته سعيداً كالمجانين، فقد نشرت صحيفة USA Today تقريراً عنوته بـ «Trump is pack in the US. And tweeting like crazy»، نشرت فيه الصحيفة التويتة التى شيرها ترامب على حسابه الخاص فرحا لأنه جمع من رحلته تلك ملايين الدولارات لبلاده!
يقيناً عاد ترامب من رحلته سعيداً كالمجانين، ليس فقط لأنه عاد هو وزوجته وابنته وزوجها بملايين الدولارات، بل أيضاً لأنه استطاع تأسيس أول تحالف عسكرى سياسى أمريكى عربى إسلامى سنى إسرائيلى فى التاريخ، تلك الرحلة الترامبية الاستثنائية التى عبأت الخزينة الأمريكية الفارغة، لكنها أكدت لنا أن السيدة الأولى منبوذة وحزينة لأن ايفانكا ابنة زوجها قد جمعت من نفس الرحلة هى وزوجها اليهودى المحب الكثير من الأموال والمشروعات الطموحة.