الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
شهقة الخلاص

شهقة الخلاص






تصور أن عالماً فرنسيا تحدث عن انتحار طلبة الثانوية العامة فى مصر، من أكثر من 100 سنة!!
الرجل وصف الحالة، وكأنه «عراف» بيقرأ الطالع، وبيضرب الودع.
«مش مصدقنى طبعا»، حقك، لكن تعالى نشوف الراجل الفرنسى قال إيه، من 120 سنة بالتمام والكمال.
فى تعريف عالم الاجتماع الفرنسى الشهير إميل دوركايم، الانتحار هو كل حالات الموت التى يكون نتيجة مباشرة أو غير مباشرة لفعل سلبى أو إيجابى قام به المنتحر نفسه، وهو يعلم أنه سيؤدى إلى هذه النتيجة.
العالم الفرنسى - مؤسس علم الاجتماع الحديث - يعد من أفضل من كتبوا عن علاقة الفرد بالمجتمع المحيط به، ففى كتابه الصادر عام 1897م، والذى اختار له عنوان «الانتحار».
أشار دوركايم إلى أن ما يدفع الأفراد للانتحار هو ضعف التنظيم الفردى والجمعي، أى أن الأسرة فقدت القدرة على الحفاظ على أفرادها بشكل يجعلهم راغبين فى مواصلة الحياة.
دوركايم قال إن ارتفاع معدلات الانتحار مؤشر لوجود «خطأ ما»، وأن ارتفاع معدلات الانتحار هى «إشارة دالة على الأسرة» فقدت قدرتها على الاحتواء.
ماعلاقة هذا الكلام الفخيم، والذى يصلح للندوات فى فنادق الخمس نجوم حيث الكراسى المريحة وأضواء الكاميرات بالثانوية العامة؟!
أقول لك العلاقة، العلاقة أن حالة القهر، والقمع وتضييق الخناق التى مارستها الأسرة على بنت فى المنوفية، لم تتعد الـ18 من عمرها - المفترض أن يكون مديدا-، وكانت متفوقة طوال حياتها، بشهادة والدها، جعلها ترى الدنيا أضيق من خرم الإبرة، وأن كل ماحولها سواد فى سواد، وأن أحلامها تبخرت فجأة، عندما لم تستطع أن تجيب عن أسئلة مادة الفيزياء!!
الشعور بالخوف الناتج عن ضغوط الأسرة جعل الطالبة «هدى على» ١٨ عامًا، طالبة بالصف الثالث الثانوى بمدرسة الثانوية الجديدة بشبين الكوم تلقى بنفسها من أعلى كوبرى مبارك ببحر شبين الكوم، والانتحار لمرورها بحالة نفسية سيئة، ولإصابتها بانهيار عصبى حاد «لصعوبة امتحان الفيزياء».
«هدى» ليست حالة شاذة، هدى نموذج متكرر يرى أن الحل الآن هو الموت، فطالب ثانوية عامة بالجيزة شنق نفسه، لصعوبة امتحان اللغة الإنجليزية وخوفه من السقوط للعام الثاني، وكتب رسالة لوالدته طالبها بالدعاء له وعدم الحزن لفراقه.
«محمود مهدي، 19 سنة»، طالب فى الصف الثالث الثانوي، بمدرسة الأورمان الثانوية عثرت عليه والدته جثة هامدة، و تبين أنه راسب فى الثانوية العامة منذ العام الماضى ويعانى من حالة نفسية سيئة عقب أدائه امتحان اللغة الإنجليزية هذا العام.
وفى لجنة بمدرسة قها الثانوية للبنات بالقليوبية، حاولت إحدى الطالبات تمزيق ورقة الإجابة بسبب صعوبة الفيزياء وحاولت إلقاء نفسها من شرفة اللجنة عقب إصابتها بحالة هيستيرية، وتم السيطرة عليها، حيث أصيبت بحالة إغماء، وتم نقلها للمستشفى.
وقامت ريم إبراهيم جاويش، الطالبة بالثانوية العامة بمدرسة محمد فريد بدسوق، بإلقاء نفسها من الطابق الثاني، نظرًا لصعوبة امتحان الجبر، ولفظت أنفاسها الأخيرة فور وصولها إلى مستشفى دسوق العام.
تحب أقول لك كمان، واقرأ لك حكايات من دفتر أحوال الوطن!!
الحقيقة كان نفسى أكمل حكايات، لكن الواقع صعب ويفرض علينا أن نتوقف عن سرد الحكايات، والتوقف عن ممارسة الضغوط على الأبناء من أجل التفوق والبحث عن أسباب لانتشار ثقافة الانتحار، ورفع لافتة الانتحار هو الحل!!