الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الزكاة وحركة الحياة

الزكاة وحركة الحياة






إخراج الزكاة إلى مستحقيها يعنى أمورًا عديدة أهمها روح الرحمة والتكافل والتراحم الذى شرعه الحق سبحانه، فهى طعمة للفقير، بل هى حق له، حيث يقول نبينا  (صلى الله عليه وسلم) لسيدنا معاذ بن جبل (رضى الله عنه) حين أرسله إلى اليمن: «إنك تأتى قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات فى كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد فى فقرائهم، فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب» (صحيح مسلم)، وهى طهرة للمزكى حيث يقول الحق سبحانه: «خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا» (التوبة: 103)، وهى نماء للمال حيث يقول سبحانه: «وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ» (سبأ: 39)، ويقول الحق سبحانه: «وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ » (إبراهيم: 7)، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تلفًا»، بل هى تحصين له، وهى مداواة  للمريض حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): «حَصِّنُوا أَمْوَالَكُمْ بِالزَّكَاةِ، وَدَاوُوا مَرْضَاكُمْ بِالصَّدَقَةِ، وَأَعِدُّوا لِلْبَلاءِ الدُّعَاءَ»، وهى وقاية للمال من الزوال، حيث يقول الحق سبحانه: «هَاأَنتُمْ هَؤُلاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِى سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ» (محمد: 38)، ويقول سبحانه: «وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا» (الكهف: 32)، ثم يقول سبحانه تعقيبًا على فعلتهم النكراء: «كَذَلِكَ الْعَذَابُ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» (القلم: 33)، ويقول نبينا  (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّ لِلَّهِ عبادًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، يُقِرُّهُمْ فِيهَا مَا بَذَلُوهَا، ف َإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا مِنْهُمْ، فَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ»، ثم إن السخيَّ قريب من الله، قريب من الجنة، قريب من الناس، بعيد عن النار، وإن البخيل بعيد عن الله، بعيد عن الجنة ، بعيد عن الناس، قريب من النار.
وقد وعد الله المنفقين بمضاعفة الأجر والثواب فقال سبحانه: «مثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِى سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِى كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ» (البقرة: 261)، ووعدهم بأن يخلف عليهم خيرًا  مما أنفقوه، فقال تعالى: «وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لاَ تُظْلَمُونَ» (البقرة: 272).
وتوعد مانعى الزكاة وحابس المال بالوعيد الشديد فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِى سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ» (التوبة: 34)، وقال سبحانه مخاطبًا أهل النار: «مَا سَلَكَكُمْ فِى سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ» (المدثر: 42-43)، وقال سبحانه: «أَرَأَيْتَ الَّذِى يُكَذِّبُ بِالدِّينِ * فَذَلِكَ الَّذِى يَدُعُّ الْيَتِيمَ * وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ * فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ *‏» (الماعون: 1-7)، على أن إخراج الزكاة والصدقات والوفاء بحق فروض الكفايات يخرج المال من محبسه ليُسهم فى دوران حركة الحياة إطعام الجائع وكساء العارى ومداواة المريض، وإيواء المشرد مع ما يترتب على ذلك من فرص عمل ودوران لحركة الحياة، أما كنز المال وحبسه فيسهم فى الجمود والركود، ويسير عكس ناموس الكون الذى أراده الله (عز وجل) .