
ميادة أحمد
ثقافة اﻻختلاف بدون خلاف
كم تنقصنا ثقافة اﻻختلاف فى المجتمع المصرى.. فما أن يثار موضوع أو قضية تحتمل الجدل والنقاش تبدأ الأفواه كلها فى الحديث بلا توقف ونجد أن تبنى رأى ما والدفاع عنه حتى مع عدم وجود أسانيد قد يتحول إلى هوس يجعل كلا الطرفين فى حالة استماته إثبات أن الرأى الآخر عار من الصحة.. ويبدأ الصوت فى اﻻرتفاع ثم يأتى الهجوم يليه التراشق بالألفاظ والخروج عن حدود الأدب والذوق واللياقة.
وقد ظهرت فى اﻵونة الأخيرة المشكلات التى تنبع من عدم وجود ثقافة اﻻختلاف مثل الخلافات والعداء السافر وإجهاض أى محاوﻻت للتطوير أو لطرح الأفكار الجديدة بل والتسبب أحيانا فى البلبلة وتضليل الرأى العام وأحيانا اللجوء إلى العنف.
وتتعدد صور عدم وجود ثقافة الاختلاف فى حياتنا وتبرز بوضوح بين السياسيين والإعلاميين والرياضيين وأساتذة الجامعة والقيادات وأصحاب المراكز العليا.. بل والمواطن العادى أيضا أما بالنسبة للشباب فحدث وﻻ حرج.
ويحدث ذلك فى كل الأماكن سواء فى المقاهى أو الأندية وفى الجلسات العائلية وعلى مواقع التواصل الاجتماعى وعلى شاشة التليفزيون سواء فى الاعمال البرامجية أوالدرامية الخ الخ.
لقد قارب مفهوم «الاختلاف فى الرأى ﻻ يفسد للود قضية» على التلاشى من حياتنا تماما.. والمعارضه أصبحت من أجل أن يثبت كل طرف أنه موجود وصاحب رأى وأكثر إطلاعًا وأكثر فهمًا لمجريات الأمور.. واللجوء إلى الإقناع والهدوء وضبط النفس كلها أصبحت دلالة على ضعف الحجة.
هناك خلل واضح فى الموازين.. وﻻ بد من إعادة تقييم وتقويم لأفكارنا وسلوكياتنا.
فالتحضر لا يرتكز على شكل جمالى فقط وإنما يشمل الفكر والسلوك وأسلوب التعامل والرقى فى الحوار.
والبداية ﻻ بد أن تكون من أسلوب التربية الذى يتبعه الوالدان فى المنزل والبعد عن أحادية الرأى واستخدام أسلوب النقاش والإقناع واﻻستماع للرأى والرأى الآخر بين الآباء والأبناء والوصول إلى صيغة من التفاهم دون خلاف.
ويأتى بعد ذلك دور المدرسة فى تعميق فهم الطالب بأهمية احترام ثقافة اﻻختلاف
ﻻ شك أن مجتمع يؤمن بثقافة اﻻختلاف هومجتمع يخطو بخطوات واثقة نحو التحضر والرقى والإصلاح.