الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
هل نحن خير أمة أخرجت للناس؟!

هل نحن خير أمة أخرجت للناس؟!






مضطر لأن أبدأ كلامى بالأسئلة الصادمة، لماذا يرتبط الإسلام حاليا بالغلظة؟ لماذا يعتقد البعض أن التزامه يفرض عليه أن يفقد بهجة الحياة؟ لماذا نتعامل مع الاسلام باعتباره منهجًا أخرويًا مؤجلًا لا نصيب للمؤمنين به فى الدنيا؟ لماذا تحتل مكارم الأخلاق مكانة متأخرة فى ترتيب أولويات المسلمين؟ كيف يستخدم البعض التزامة الظاهرى وسيلة للاستعلاء على الآخرين؟ إنها الأسئلة الحرجة والملحة بعدما اتسعت المسافة بين الإسلام كفكرة إنسانية وبين سلوك عموم المسلمين كواقع يفرض نفسه.
الإسلام أساسا رسالة إنسانية، ومنظومة حياتية قائمة على أساس أخلاقى متسق مع الفطرة، فكل ما هو ضد الرحمة أو العدل أو الحب أو الحق أو الجمال أو العطف أو الكرامة أو الشهامة أو النخوة أو المروءة أو العطاء أو الكبرياء يقينا هو ضد الإسلام ، إذن سبب المشكلة ليس النظرية الإسلامية ولكن سلوك المسلمين تجاه أنفسهم وتجاه غيرهم وتجاه فهمهم لدينهم، المشكلة هى اعتقاد البعض احتكاره للأخلاق أو أن اعتناقه للإسلام بالوراثة منحه مكانة متعالية عمن حوله، ثم يبدأ فى إحاطة نفسه بنظرية بأن هناك مؤامرة على الإسلام تتمثل فى شخصه ليجد مبررا لسلوكة العدوانى وإلصاقة بالدفاع القومى عن الإسلام.
الاسلام كدين يقوم على أبواب ثلاثة هى العقائد، العبادات، المعاملات، والأخيرة هى القواعد والتعاليم الإلهية لتسيير الحياة بين الناس على أساس من الحق والعدل والمساواة والسلام، والإخلال بأى باب من الأبواب الثلاثة هو مساس جسيم بالبنيان الرئيسى للفكرة الإسلامية، بل إن الانقياد الظاهرى بأداء العبادات المفروضة دون انعكاس إيجابى له على سلوك وتعاملات مؤديها مع المحيطين به هو امتهان متعمد لقدسية تلك الفروض وتفريغها من مضمونها بل وافتراء على الحكمة الإلهية التى فرضت تلك العبادات لتهذيب النفوس وإصلاح أحوال العباد.
من المدهش أن تجد من يدعى الالتزام وفى نفس الوقت يقطع رحمه ويجاهر بالقطيعة ويبررها، غير مدرك أنه يمارس الفساد فى الأرض، نعم الفساد فى الأرض لقد ربطت الآية الكريمة فى سورة محمد ربطًا مباشرًا بين قطيعة الرحم والفساد فى الأرض فى قوله تعالى: «فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم»، كما إنك تجد الأخوة فى الأسرة الواحدة وجميعهم مسلمون ملتزمون تنكشف حقيقة إيمانهم فجأة عندما يحين موعد الميراث بوفاة الوالدين أحدهما أو كلاهما فلا يتقابلون إلا فى قاعات المحاكم أو بالصدفة على أبواب المساجد، كما تجد الموظف الملتزم لا يتورع عن استهلاك وقت العمل فى غير مهام العمل مستخدما مبررات شرعية لإهماله، ناهيك عن الخائضين فى أعراض الناس المتخذين من الشبهات دليلًا قاطعًا على سلوكيات غيبية، تخيل أن بعض مدعى التدين يبدون كمن يستمتع بدونية من حوله للاستمتاع بحالة من التعالى والاستعلاء الوهمية.
كما أنك تجد مشايخ الدعوة باتجاهاتهم المختلفة يروّجون لأتباعهم فكرة الزهد ليس كقيمة دينية رفيعة أساسها الإيثار والرضا، بل كوسيلة لتخدير العقول ومبررا للكسل والتواكل وعدم الأخذ بأسباب التقدم والتطور بادعاء الترفع عن أمور دنيوية هو أساسًا لم يبذل مجهودًا لامتلاكها ولا يتمتع بأى موهبة أو أى مؤهلات لاستحقاقها مبررًا فشله بزهده المزعوم، بينما تجد مشايخه من دعاة الزهد قد فقدوا سيطرتهم على شهواتهم المشروعة فى تعدد الزوجات، وامتلاك أفخر السيارات، وتناول أطيب أصناف الطعام، والحج الفاخر، والشهرة على شاشات الفضائيات، مستمتعين    بتلاميذهم من محدودى العلم والثقافة والاستيعاب العقلى.
ثم واجه نفسك بشجاعة ما الذى يقدمه المسلمون حاليا للإنسانية، ما الذى يقدمونه للحضارة البشرية، ما الداعى لانتشار الإسلام كفكرة دينية ودنيوية، لماذا غضب المسلمون من الرسوم المسيئة للرسول؟ مع أن من ارتكب تلك الجريمة لا يعرف الرسول ولا يؤمن به، إنما كان يقصد برسومه التعبير عما يراه ويعايشه من سلوك المسلمين حاليًا، واجه نفسك بالحقيقة ولا تنخدع بأوهام المؤامرة الكونية على الإسلام بعدما تورط عموم المسلمين فى التآمر على أنفسهم وعلى دينهم.