الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عملية اصطياد الديك التركى

عملية اصطياد الديك التركى






أنت لا تصبح كبيرًا  إلا إذا قررت أن تكون كذلك، إذا أردت أن تكون كبيرًا تصرف تصرفات الكبار، ترفع ترفع الكبار، تحمل ما يجب أن يتحمله الكبار، لا تترك الأصاغر يستدرجونك إلى مستوى عبثهم السياسى، فتجد نفسك مستخدمًا من أطراف متعددة وقد فرضت عليك مسارات إجبارية لا يمكنك الرجوع عنها وأنت سعيد ببناء أمجاد شخصية على أطلال وطنك تاريخيًا وجغرافيا.
تركيا الآن بقيادة سلطانها الإخوانى أردوغان تم استدراجها سياسيًا، عملية اصطياد الديك الرومى التركى المنتفخ بفعل الأعلاف السياسية والإقليمية تتم على قدم وساق بعدما وجدت هوى لدى أردوغان الذى أصبح عاريًا سياسيًا وهو معتقد أن أحدًا لايراه ومازال مكابرًا مشغولًا عن ستر سوءته السياسية التى قدم من خلالها أهم عرض للاستربتيز الإقليمى.
السلطان العارى كشف كل أوراقه السياسية موهوما انه يسيطر على الزمان والمكان، بينما قطر الصغيرة تعتقد أنه انتفض مدافعًا عنها بعدما قرر كلاهما  السير فى عملية التوريط المتبادل، تركيا اتجهت نحو الصدام مع دول الخليج لتزيد المحيط القطرى التهابًا، وهى مدركة أنها ستنسحب ولو بعد حين.. تاركة النظام القطرى وسط ألسنة النيران التى أحاطت سرادقها بجلباب تميم ولن تتركه إلا وقد وصلت الى عقاله، اردوغان المتخذ من الديك الرومى أسوة سيئة ينكر الحقيقة فمهما انتفخ لن يكون مآله إلا إلى الذبح ليظهر عاريًا مقيدًا معروضا للبيع أو الفرجة، عندئذ ستجد قطر الواقعة فى براثن التنظيم الإخوانى نفسها وحيدة منعزلة ليس أمامها إلا دفع الجزية السياسية والإقليمية عن يد وهى صاغرة.
مصر الكبيرة بحكم التاريخ لم تسيطر عليها يومًا أحلام توسعية، بل قدر ومسئولية تاريخية فرضت عليها مشاريع حمائية ودفاعية تقوم على احترام الذات والآخر، فى المقابل يتحرك أردوغان مرتكزًا على قاعدة أوهامه الامبراطورية المستندة لرصيد استعمارى حافل بسجل من الجرائم الإنسانية التى حاولت محو هويات وقوميات لم تكشفها إلا ثبات الدولة المصرية وقدرتها على التمركز فى قلب الزمن، فإذا كنت غير مدرك لقيمة الدولة المصرية فتأكد أن التاريخ لن يرحمك، تأكد أنك تعانى من الفصام السياسى ومن الهلاوس السياسية والإقليمية، بعدما وجدت التكتلات الغربية استجابة أردوغانية لعمليات النفخ الوهمية التى ستؤدى حتمًا إلى الانفجار والتشوهات.
القشرة الأرضية تتحرك من تحت أنقرة نحو القاهرة بعد أن استعادت استقرارها للانطلاق وقيادة المنطقة يدعمها استقرار سياسى هو الأكثر رسوخًا فى الاقليم، تعضده قوة عسكرية تعاظمت وتطورت فى السنوات الثلاث الأخيرة، يساندها أمة شابة قاربت المائة مليون نسمة، مع تحسن واضح وملموس فى ملف الإصلاح الاقتصادى وجذب الاستثمارات، والأهم أن مصر تستعد لأن تكون مركزًا عالمى للطاقة تتوسط العالم به جغرافيًا وهى الأقرب لجنوب المتوسط ومن ثم مد أوروبا باحتياجاتها فى الطاقة.
على المستوى السياسى كانت وستظل مصر صاحبة خطاب العقل والحضارة ونقطة التوازن الدبلوماسى فلم تضبط عبر تاريخها - باستثناء فترة حكم الإخوان - داخل حلف طائفى أو اثنى أو عرقى، بل كانت دومًا هى صوت الضميرالإنسانى ونتعامل بمنتهى الشرف فى وقت عز فيه الشرف.
مصر المكان والمكانة زادتها المحن صلابة، مصر ٣٠ يونيو أكثر قوة، مكانة مصر ليست اغتصابًا لمساحات غير مشروعة، بل استعادة لدور طبيعى مستمد من الآلام والتضحيات، تاريخ من الدماء التى قدمها أبناء مصر، تاريخ من الفنون والعمارة والحضارة، رصيد لايحصى من الثقافة والفنون والآداب، تراكم من اليقين بأن مصر قاهرة الدخلاء والموهومين بأحلام توسعية، اين كان اردوغان عندما اعتدت إيران على العراق فى ثمانينيات القرن الماضى؟ أين كان عندما اعتدى صدام على الكويت؟ لماذا لم يفلح فى إنقاذ تنظيمه الإخوانى الإرهابى عندما قرر الشعب المصرى خلعه  لحماية الأمة العربية من تمدده السرطانى؟  اين هو من الأطماع الإيرانية التى تهدد أمن الخليج العربى؟ ماذا قدم للقضية الفلسطينية؟.
مصر الكبيرة تحركها مسئولياتها لا أطماعها، مصر العظيمة تستدعيها مكانتها لا أوهامها، مصر يقودها وعيها والتزامها نحو أمتها العربية وليس نزواتها ومغامراتها، مصر التى طالما ظن البعض أنهم قادرون على ظلمها فلم يستفيقوا إلا وهم لأنفسهم ظالمون.