الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
نهر «الدانوب» يسأل:  كيف أنقذ السيسى الشرق الأوسط؟

نهر «الدانوب» يسأل: كيف أنقذ السيسى الشرق الأوسط؟






من غرفته بالفندق العريق الذى يتوسط العاصمة المجرية والمطلة على نهر «الدانوب» المخترق أوروبا عرضا عبر 10 دول أوروبية وصولاً لمصبه فى البحر الأسود، جلس عبدالفتاح السيسى يتدارس مع الوفد المرافق لسيادته جدول أعمال ومباحثات الإدارة المصرية مع نظيرتها المجرية، وكذا وضع اللمسات الأخيرة على الملف المصرى الكاشف والشارح لرؤية القاهرة الأمنية والسياسية والاقتصادية على قمة «الفيشجراد».
ضفاف «الدانوب» كانت شاهدة وحاضرة كل لقاءات الرئيس المصرى فى بودابست حيث أنصتت باهتمام لوجهة النظر المصرية وتساءلت بشغف: كيف أنقذ عبدالفتاح السيسى بلاده ونجح فى تحقيق استقرار ملموس وسط منطقة مشتعلة من أقصاها إلى أقصاها، وهو ما انعكس بالطبع على الجار الأوروبى شمالا؟
لهجة التقدير والاحترام التى تتحدث بها أوروبا اليوم عن مصر والسيسى جاءت بعد جهد جهيد على مدار 4 سنوات من العمل السياسى والدبلوماسى الشاق والإصلاح الاقتصادى الشافى على قسوته.
القاهرة انتزعت هنا اعترافا كانت القارة العجور تغفله عمداً، وهو أنه لا استقرار فى أوروبا إلا باستقرار مصر.
متجاوزاً الوقت المحدد للمباحثات الثنائية بينه وبين الرئيس المصرى، ناقش رئيس الوزراء المجرى «فيكتور أوربان» ملفات سياسية وأمنية مهمة مع الرئيس السيسى وكذا علاقات التعاون المشترك بين البلدين.
على مائدة طعام أوروبية أقامها رئيس الوزراء المجرى كغداء عمل على شرف الرئيس المصرى امتد الحوار بين الزعيمين، وطالت مدته أيضا لأكثر من 20 دقيقة إضافية على الوقت المحدد أعرب فيها «أوربان» عن تقديره للرئيس المصرى وأكد له على تفرده كزعيم سياسى ذى خلفية عسكرية وصاحب رؤية إصلاحية.
«أوربان» المبهور بالتجربة المصرية التى اتخذت من استقلال القرار الوطنى خياراً استراتيجيا لا تحيد عنه، وجه التحية والتقدير للشعب المصرى، وكذا تماسكه كجبهة واحدة لمكافحة الإرهاب.
من جانبه عرض الرئيس المصرى الرؤية المصرية الكاملة والمجهودات المبذولة فى مكافحة الإرهاب عالميا وأيضا مواجهة الهجرة غير الشرعية وسعى مصر إلى الوصول لحلول سياسية فى ليبيا وسوريا.
المباحثات الاقتصادية والتعاون المشترك أخذ وقتا كبيراً فى المباحثات خصوصا وأنه رغم تطورها لم تصل للمستوى المأمول له ولا ترتقى للعلاقات السياسية بين البلدين.
القاهرة التى اهتمت بدراسة تجربة المجر صعوداً من 2010 حتى أصبحت تلك الدولة الصغيرة حجما وتعداداً - 15 مليون نسمة - تحقق تصديراً وصل فى 2016 إلى 110 مليارات دولار وأصبح ميزانها التجارى بالموجب بعد سنوات عجاف،ٍ ومع ذلك أشاد «أوربان» بالإصلاحات الاقتصادية الجريئة فى مصر على قسوتها، وأكد أنها تفوق فى تحدياتها ما أنجزته المجر.
ربما فى كلمة «أوربان» مجاملة إلى مصر وتقدير لفرق حجم التحديات بين البلدين خصوصا وأن ما أنجزته مصر بعد فوضى الربيع العربى يمثل المعجزة فى إنقاذ الدولة أساسا، ومن ثم النهوض بها ورسم خريطة انطلاقها واستقرارها.
على طاولة أخرى ضمت السيسى مع رؤساء حكومات تجمع V4 كان أن اعترف فيها الأوروبيون بفضل مصر فى حماية حدود أوروبا وبلادهم من موجات الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وأقر الزعماء الأوروبيون، ربما للمرة الأولى، عن مسئولية أوروبا عما جرى فى ليبيا عبر تدخل غير مسئول فى الشأن الداخلى والحياتى لليبيين أسفر عن فوضى وتفكك البلاد وانفلات الحالة الأمنية التى انفجرت فى وجه أوروبا دون دراسة أو وضع بدائل سياسية تحميها من الفوضى والفراغ الأمنى بعد رحيل القذافى.
هذا الاعتراف أعقبه اعتراف آخر وتقدير للدور المصرى المبذول فى هذا الملف تحديداً، ودعما للجهود المصرية لحل الأزمة الليبية.
من جانبه أكد على نفس المعنى تفصيلا رئيس وزراء سلوفاكيا «روبرت فيتسو» عن عرضه مع باقى دول «الفيشجراد» لدعم مصر ومعاونتها فى مكافحة الإرهاب والوصول إلى حل سياسى فى ليبيا عبر حكومة وطنية قوية هناك، إضافة إلى المساعدة فى إزالة الألغام.
السيسى قدم شرحا وافيا وكافيا لقى ترحيبا وتقديراً من زعماء «الفيشجراد» خصوصا الجهود المصرية الدبلوماسية والسياسية المبذولة للوصول إلى حلول سياسية لأزمات ليبيا وسوريا واليمن والعراق، وكذلك ضرورة التعاون الدولى فى التصدى لظاهرة الإرهاب والدول الراعية له تمويلا ودعما سياسيا ولوجستيا.
صصإلى الاستفادة من الخبرة الطويلة والكفاءة المعروفة عن دول «الفيشجراد» فى ملف الطاقة النووية السلمية والتى تستعد مصر لإطلاق مشروعها النووى السلمى لتوليد الطاقة حيث عرضت مجموعة V4 تقديم الخبرات فى التشغيل والصيانة.
اليوم، تمتلك القاهرة أصدقاء حقيقيين فى قلب أوروبا النابض يمكن أن تعول عليهم فى إيصال رؤيتها وتصحيح الصور المغلوطة عنها، بحيث يمكن البناء عليها لحوار استراتيجى بين القاهرة والاتحاد الأوروبى وصولاً إلى تحقيق الشراكة السياسية والاقتصادية والأمنية مع الجار الشمالى.