الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«مش بحبك ياقبطى»

«مش بحبك ياقبطى»






العنوان صدمك، حسيت بالقلق والخطر، أنا صدمتى أضعاف أضعاف.
مجموعة شباب من شبرا، نشروا على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» مقطع فيديو لاحتفال مجموعة من الأقباط، بمنطقة دوران شبرا، بقدوم عيد الأضحى، وتهنئة أصدقائهم من المسلمين ويظهر فى الفيديو الشباب يغنون «بحبك يا مسلم بحبك ياغالى بحبك يا مسلم دايما على بالى».
الاحتفاء الشديد بالفيديو صدمنى أكثر، شبرا لمن لايعلم ليس فيها مسلم ومسيحى، شبرا حياة متجانسة، كزموبلاتينية فى أروع صورها.
التهنئة بهذه الطريقة مؤشر خطر فى شبرا، مؤشر يستحق منا الانتباه وليس الاحتفاء.
من مر من شبرا وعاش فيها حتى لبعض الوقت يعلم أنه ليس هناك مسيحى ومسلم، هناك مصرى فقط.
عادى جدا تجد الكنيسة تقيم مسابقة فى حفظ القرآن الكريم وتوزع الجوائز على الأطفال فى ليلة القدر، فعلها كثيرا القمص صليب متى ساويرس، راعى كنيسة مار جرجس «الجيوشى» بشبرا.
عادى جدا الأمهات - كل الأمهات - فى البيوت يطبخون القلقاس ونأكل القصب فى عيد الغطاس، ويصومون معنا فى رمضان.
عادى جدا شيخ معمم وأزهرى، يرتدى الجبة والقفطان والعمامة البيضاء، واسمه الشيخ نزيه متولى، مقرئ منطقة شبرا، وإمام وخطيب مسجد «نور الاسلام»، يتجه نحو سرادق عزاء «منير كامل»، شقيق صديقه القبطى «ميجو» بعد حادث تفجير الكنيسة البطرسية بيومين فقط،.
وعادى جدًا يطلب منه صديقه القبطى المقرب شقيق المتوفى أن يقرأ القرآن الكريم بصوته العذب،و يحمله 5 أفراد حملًا الى الكرسى الوثير، الذى كان يجلس عليه الوعاظ، ليتلو آيات من سورة مريم فى السرادق الذى يتسع للمئات، ويجلجل بصوته، لمدة 10 دقائق، والناس تطالبه بالمزيد.
عادى جدا ترى فى شبرا تجسيدا حيا لقصة قصيرة بديعة للكاتب الكبير الراحل «خيرى شلبى» هى «قداس الشيخ رضوان» فحواها أن قساً وإماماً لمسجد بإحدى القرى تربط بينهما صداقة قوية منذ شبابهما.. والشيخ الذى يعشق الغناء والموسيقى يملك ورشة صغيرة للنجارة.. تقع فى مواجهة الكنيسة وتصل إلى مسامعه التراتيل والألحان الدينية التى يطرب لها ويندمج متواصلاً معها حتى صار يحفظها كما يحفظ «القداس» بكل تفاصيله.. والشيخ والقس يسهران معاً كل يوم فى منزليهما فى تسامر جميل.. الشيخ يغنى ويعزف على العود.. والقس يطلق النكات والطرائف.. ويتبادلان المجاملات العائلية الطيبة فى الأعياد والمناسبات المختلفة.
‎وتحدث المفاجأة قبيل ليلة عيد الميلاد حينما ينقل القس إلى كنيسة أخرى فيودع الشيخ وداعاً حاراً وتنتظر العائلات المسيحية بالقرية وفود القس الجديد ليؤدى صلاة العيد فى قلق وترقب.. لكن حضوره يتأخر.. ويحل ميعاد الصلاة.
‎وإذا بالشيخ يدخل الكنيسة فى الوقت المناسب انقاذاً للموقف مرتدياً ملابس القساوسة.. ويبدأ فى تأدية مراسم الصلاة بمهارة وثقة.. ويقود الشمامسة.. بل يقوم بالعظة.. ولما يحين الفجر ويرتفع صوت مؤذن الجامع.. ينهى الصلاة.. ويسرع مهرولاً فى اتجاه المسجد ليؤم المصلين.
لكن ليس عاديا ماحدث من شباب فى شبرا، ليس عاديا ويدعو للقلق، وأراه مؤشرا فى منتهى الخطورة، ويعنى أن هناك خللاً ما أصاب التركيبة المتجانسة فى شبرا، لدرجة أن شبابا قبطيين خرجوا يهتفون بحب المسلمين.
أرى ماحدث تصرفا مقيتا وممجوجا يدعونا جميعا للقلق والانتباه.