الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«نوبل».. على موعد  مع السيسى

«نوبل».. على موعد مع السيسى






فى كلمته أمام القمة الإسلامية الأمريكية بالرياض أواخر مايو الماضى عرض الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى دستور عمل جديدًا حتمًا سيجد مكانته المرموقة بين قواعد القانون الدولى الإنسانى، الرئيس قدم خارطة طريق شاملة لمكافحة الإرهاب باعتباره خطرًا يهدد إنسانية العالم، وفى بنود واضحة ومحددة استعرض الإجراءات الواجبة لاستئصال هذا الخطر من جذوره، وبلغة التحدى والثقة والإصرار أعلن هذه الخطوات:
- مواجهة جميع التنظيمات دون تمييز.
- المواجهة الشاملة والمتزامنة على جميع الجبهات.
- مواجهة جميع أبعاد الظاهرة فيما يتصل بالتمويل والتسليح والتدريب والدعم السياسى والايديولوجى.
- اعتبار كل من يتورط فى دعم الإرهاب وتمويله وتوفير الملاذات الآمنة لمقاتليه شريكًا أصيلًا فى الإرهاب.
- القضاء على قدرة التنظيمات الإرهابية على تجنيد مقاتلين جدد من خلال المواجهة الفكرية والأيديولوجية.
- الإصرار على تجديد الخطاب الدينى لإظهار الجوهر الأصيل للدين الإسلامى السمح.
- التصدى لمحاولات تفكيك وزعزعة استقرار مؤسسات الدولة الوطنية للحيلولة دون خلق البيئة الحاضنة للتنظيمات الارهابية.
هكذا قال السيسى فى كلمته التى سارع مجلس الأمن لاعتبارها وثيقة رسمية ضمن وثائقه التى تثبت الرؤية المصرية لصياغة استراتيجية شاملة لمواجهة خطر الإرهاب. وإصرارًا على نفس منهج الدولة المصرية واصل الرئيس خطابه إلى ضمير العالم أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال شهر سبتمبر الماضى، مؤكدًا أن المخرج الوحيد الممكن من الأزمات التى تعانى منها المنطقة العربية هو ضرورة التمسك بإصرار بمشروع الدولة الوطنية الحديثة، التى تقوم على مبادئ المواطنة والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان، وتتجاوز الولاءات المذهبية أو الطائفية أو العرقية أو القبلية.
وقتها كان الرجل حاسما بأريحية شديدة يوجه حديثه لقادة العالم من منطلق اعتزازه بهوية وطنه وقدرته على التماسك وسط أنظمة عربية تتهاوى، كان الرجل يقف بثبات على أرضية دولة ٣٠ يونيو التى أعادت إلى الذهنية العالمية قدرة الدولة المصرية وعصيانها على الانكسار، ثم واجه الحاضرين بجرأة متناهية عندما أكد عدم جدوى الحديث عن مصداقية نظام دولى يكيل بمكيالين ويحارب الإرهاب فى الوقت الذى يتسامح فيه مع داعميه بل ويشركهم فى نقاشات حول سبل مواجهة خطر هم صناعه فى الأساس.
الرئيس المصرى الذى تحكمه وتحركه مبادئ الانسانية حرص خلال منتدى شباب العالم المنعقد فى شرم الشيخ على تقديم نماذج من مختلف الدول العربية والأفريقية التى فقدت شعوبها أوطانها بسبب الإرهاب الأسود الذى مارس أبشع أنواع الجرائم باسم الدين، الرئيس حرص على أن تكون مأساة تلك النماذج دليلًا عمليًا على خطورة الإرهاب على مفهوم الإنسانية وعلى قيمة الحياة، حرص أن تكون حقوق الإنسان قيمة  حقيقية وليست وسيلة سياسية تستخدم لتقويض جهود الدول التى تحارب الإرهاب، وفى كلمته فى افتتاح المنتدى أعلن إضافة الحق فى مقاومة الإرهاب مبدأ من مبادئ حقوق الإنسان فى مصر، ثم استكمل حديثه داعيًا إلى عالم من الاستقرار فى ظل حرية المعتقد وبلا تمييز عرقى أو دينى أو طائفى، وفى كل معانى كلماته أصر على تقديم الإنسانية رابطًا حقيقيًا لكل الشعوب، ثم شارك فى ماراثون مع شباب المنتدى رافعًا شعار «الأرض تسعنا جميعًا بالسلام»، وتحت عنوان: «الجميع من أجل السلام».
هنا كان السيسى حريصًا على توجيه رسائله المكثفة والتدليل عليها قولًا وعملًا، هنا كانت رسائله التالية:
- الإرهاب هو النموذج العملى الصارخ لجميع أنواع انتهاك حقوق الإنسان.
- التصدى للإرهاب هو مسئولية العالم بأسره.
- مقاومة الإرهاب هو عمل طويل المدى لذلك حرص على أن تقود الفكرة مجموعات شباب العالم.
- مقاومة الإرهاب تبدأ بالفكر والثقافة  القائمة على نبذ التمييز والطائفية.
- مقاومة الإرهاب لا تستقيم إلا على قاعدة الدولة الوطنية وتماسك هويتها.
- الإرهاب خطر  على مفهوم الإنسانية.
عبدالفتاح السيسى هو أول رئيس يصر على وضع المجتمع الدولى فى كل محفل وبلا مواربة أمام مسئولياته الإنسانية والقانونية، هو أول رئيس يدفع أثمانًا مقدمة لمقاومة الإرهاب من أرواح شهداء الوطن ومقدرات شعبه، هو أول من قدم نموذجًا عمليًا للنضال الإنسانى بعد أن قرر أن يكون وطنه «مصر» عنوانًا لكل من ليس له عنوان، بعد أن ضرب الإرهاب والحروب  أوطانهم وطمست عناوينهم.
السيسى الذى ما زال مؤمنًا بما تبقى من ضمير لدى العالم والمجتمع الدولى لا يكف عن التأكيد على أن الإنسانية هى القاسم المشترك بين شعوب العالم، لا يكف عن التأكيد على أن الحق فى الحياة يعلو كل الحقوق، ما زال مؤمنًا أن الاختلاف وسيلة للتعارف والحوار وليس للصدام.
عبدالفتاح السيسى الذى يقف على أرضية الإنسانية المشتركة تحولت دعواته إلى فكرة لم ولن تموت، تحولت إلى مقياس معيارى وأخلاقى لضمير العالم يضعه مباشرة أمام مسئولياته ويمنحه فرصة ترميم ما تبقى من مصداقيته.
دعوات السيسى تصدح فى أرجاء العالم ومحافله الدولية تناشد ضمير العالم لإنقاذ الإنسانية.
السيسى أول سفير للإنسانية يحمل رسالته مبعوثوه من النازحين واللاجئين وضحايا الحروب  وأسر الشهداء والجرحى والمصابين ، وشباب وأطفال الأجيال القادمة من أصحاب الحق فى الحياة والسلام والعيش المشترك فى كل أرجاء العالم.
السيسى هو أول رئيس يسلم الشباب حاضره قبل مستقبله، هو أول رئيس يدعو للتأمين المستدام لحاضر ومستقبل الأجيال المقبلة وحقها فى الحياة والإبداع وصياغة مستقبلها، متجردًا من شهوات السلطة يقدم السيسى وطنه لشبابه بعدما قرر تحمل تبعات الإصلاح الاقتصادى والسياسى على عاتقه وعلى مسئوليته وعلى حساب شعبيته، قاصدًا تسليم الأجيال القادمة وطنًا متحررًا بقدر المستطاع من أعباء سياسية واقتصادية تراكمت عبر سنوات وساهمت فى زيادة الفجوة بين الأجيال، عبدالفتاح السيسى هو صاحب أول وثيقة مصرية بخاتم دولى لحفظ حق الأجيال القادمة فى الحياة وفى الدفاع الشرعى عن أنفسهم وأوطانهم أمام إرهاب يجافى فكرة الحياة من أساسها!
على موعد مع السيسى حتما ستكون نوبل فى هذا الطريق إذا ما قرر مانحوها استدعاء ضمائرهم بالكامل، على موعد مع السيسى حتما ستكون الجائزة رفيعة المقام إذا ما قرر مانحوها إعادة تفعيل معايير الإنسانية المعطلة بفعل الفاعل الدولى  لسنوات متعاقبة، الجائزة الرفيعة تحتاج لإعادة شحن رصيد مصداقيتها بعيدا عن أهواء السياسة والصراعات، تحتاج إلى شحنة إنسانية لن تجدها بهذا القدر وبهذا الوضوح والإصرار إلى داخل عقل وضمير عبدالفتاح السيسى الذى يقدم للجائزة ولمانحيها فرصة استعادة فكرتها الإنسانية.