
احمد رفعت
..والثالثة فى جنوب السودان!
هنا.. وفى المساحة ذاتها تحدثنا عن الدور المصرى فى الأزمة السورية وكيف كانت الوساطة المصرية التى أدت إلى اتفاق تهدئة ثم هدنة فى بعض مناطق الصراع مفاجأة للعالم كله بعدما اعتقد الجميع أن مصر خارج دائرة الفعل هناك وأنها تكتفى بالدعم السياسى من بعيد وإذ بنا جميعا نكتشف الدور المصرى الذى أشاد به الأشقاء السوريون ومن كل الأطراف على السواء بل يطالبون بزيادته ويتمنون لو أن حل الأزمة كلها مصرى!
وهنا وعلى المساحة ذاتها تحدثنا عن الدور المصرى فى المصالحة الفلسطينية والتى تحققت بعد جهد طويل ومجهود كبير استمر لفترة طويلة فى اطر سرية غير معلنة حتى ظن الجميع أن دور مصر فى الملف الفلسطينى انتهى وإذ بالجميع يكتشفون أن مصر اللاعب الأساسى فى الملف وربما الوحيد بعد قدرتها على إزاحة إيران وقطر وتركيا عن غزة بعد سنوات طويلة ظل الدور المصرى مهمشا ربما سمح لكل من هب ودب بالاقتراب والتدخل.. لكن انتهى ذلك وربما للأبد!
نقول ذلك لنضيف ما جرى.. فكما يقول المثل الفرنسى «لا اثنتان بغير الثالثة» لذا كانت الثالثة مدوية قبل أيام.. إذ أعلن وبشكل مفاجئ عن التوصل إلى اتفاق مهم بين الأطراف المتصارعة فى جنوب السودان برعاية مصرية! وأن الاتفاقات التى تمت فجأة كانت نتاج جهد طويل استمر فترة طويلة وبغير اعلان ايضا!
وقبل الحديث عن دلالة ذلك نقول إن الرابعة والخامسة وما بعدهما سيأتى بعد أن انطلق الدور المصرى فى كل اتجاه..لكن اتفاق جنوب السودان تحديدا لا يؤكد فقط ثقة أغلب أطراف الصراعات الممتدة عربيا وأفريقيا فى مصر والقبول بأى وساطة تقوم بها والموافقة على أى ضمانات تقدمها وإنما أيضا يعنى الرؤية الصحيحة لمسئولينا فى دوائر صنع القرار والأجهزة المعنية للأمن القومى المصرى ليس فقط بالاقتراب من مناطق ساخنة ينبغى الاقتراب منها وإنما أيضا فى استعادة القدرة على الفعل فى مناطق كنا ظننا ـ وبعض الظن إثم ـ إننا خارج أى قدرة على أى فعل!
ما يتم وانصافا ليس نجاحا فقط لوزارة الخارجية رغم دورها.. ولا للأجهزة المعنية فحسب رغم أدوارها.. إنما للدولة المصرية كلها التى تكتب الآن تاريخا جديدا انتظرناه طويلا وبما يستدعى حشد كل الدعم له..شعبيا ورسميا على السواء!