الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إنا لمنتصرون

إنا لمنتصرون






السيسى أخمد إشعال المنطقة بحرب فى لبنان وأنقذ سوريا من التدمير

 

الرئيس يملك ما يوجع.. وثقته تؤكد أنه أخذ بالثأر والضربات لن تتوقف

 

جولة قبرص منحت مصر فرصة محاصرة أعداء 30 يونيو

 

الصقور تصطاد 29 من فئران أردوغان وتكشف أكبر شبكة تجسس مع تركيا

 

العملية الخسيسة تهدف لإفساد خطوات المصالحة الفلسطينية

 

مُخططات وأهداف كل أملها أن تُعطل الدولة المصرية أو أن تسحب من رصيد وتيرتها المتسارعة نحو تحقيق التنمية فى الداخل والتهدئة فى الخارج.. أزعجتهم تحركات الرئيس عبدالفتاح السيسى التى لا تتوقف من هنا إلى هناك بأجندة مصرية خالصة يحقق بنودها بخطوات ثابتة.. أربكت حساباتهم تفاعلاته وتفاهماته وصفقاته.. فكان لابد من تنشيط تلك العناصر ممن لا يعرفون حرمة وطن أو محراباً مقدساً لإرباك المشهد.
إن من خطط ومول ونفذ هذه العملية «الخسيسة» فى مفعولها.. «الدنيئة» فى أهدافها، لهو كيان يرغب فى خنق القضية الفلسطينية.. نظام ذو فكر خبيث يسعى عبر أدواته «القذرة» وبكل جهده وأمواله إلى إفساد خطوات المصالحة الفلسطينية التى تحققت بإرادة مصرية وعزيمة الرجال دون مصلحة هنا أو مآرب هناك.. فقط هى أمانة القضية الفلسطينية المحفوظة فى وجدان المصريين.
الآن بعد هذا الحادث، أراد له من دبره أن يملأ شمال سيناء رعبا كاذباً وأن تظل تلك البقعة من أرض مصر الحبيبة فى أجواء استثنائية لا تسمح بحرية الحركة عبر معبر رفح، ومن ثم إغلاقه وإعادة التوتر من جديد، فى محاولة عرقلة أى تحرك إلى الأمام فى هذا الملف.. وهذه واحدة.
أما النقطة الأخرى، فتتعلق بإعادة إنتاج مشهد الإرهاب فى سيناء وتسويقه أمام العالم - ولا نستبعد هنا أن يخرج مقطع فيديو يصور مجرم «الإرهابيين» وهم يحصدون رقاب المُصلين السَاجدين -، فتخرج وسائل إعلام يتربص من يوجهها بالقاهرة لترديد أن سيناء بأكملها ليست آمنة.. وأن الإرهاب لم ينته من مصر...
نعم لا نستغرب إذا ظهرت تلك الأمور.. فجولة الرئيس الأخيرة إلى قبرص كانت ناجحة على جميع المستويات، بل وعميقة فى رسائلها.. ولننظر كيف بات لنا موطئ قدم راسخة، وقاعدة انطلاق تطوق أكثر من حاربوا الدولة وإرادتها واقتصادها منذ 30 يونيو 2013 بالمال والإرهاب ومنابر «الجاسوسية»، ولندقق.. كيف أن تلك العملية تأتى بعد يومين فقط من كشف «الصقور المصرية» قضية التخابر الكبرى مع «دولة أردوغان»، فأراد من أراد أن يزيح الانتباه ويخلط الأوراق بعيدا عن إنجاز لم تكشف تفاصيله الكاملة بعد، إذ ما زالت هناك ثعابين وحيات تسعى وتلتف حول إرادة الوطن، ترصدها الصقور فى انتظار لحظة الحسم للانقضاض عليها.
إن ما وقع فى سيناء يتزامن مع مصطلح «غربي» بامتياز يعرف بـ«الجمعة السوداء» والتى عندهم ينبغى أن تكون آخر جمعة فى نوفمبر والأصل فيها أنها جاءت لانقاذهم من أزمات اقتصادية عصفت بهم فكان لابد من عملية «انتحار تجارية» للتخلص من حالة الركود عبر صدمة البيع بأقل الأسعار لجميع السلع كى لا تبور بضاعتهم!
أما فى السياسة فقد بارت بضاعة المتربصين فى نوفمبر 2017، ففكرة إشعال المنطقة بحرب على لبنان أفشلها الرئيس، وتدمير سوريا والسعى لتمزيق أراضيها.. سار فى عكسه «السيسى» كذلك.. بل عمل على تجميع السوريين من منطلق أرضية الوطن الواحد والأرض الواحدة والحفاظ على استقلال سوريا ووحدة أراضيها، وفى فلسطين حقق ما كان بالأمس مستحيلا كى لا تكون هناك حجة أمام «أهل الشر» وجمع الفرقاء على مائدة واحدة بجهود المخلصين.. فماذا تتوقعون من دولة فوجئ المتربصون برئيسها يلملم شتات الممزقين ويخمد نيران فتن هنا وهناك، وهل ثمة شفرة بين الإرهابيين ومموليهم كان عنوانها «الجمعة السوداء» لتنفيذ مخططهم؟!
فى خضم هذا الحادث الجبان، علينا أن لا ننسى أن هناك من المتربصين من لا يزال يضع ضمن أجندته الاستراتيجية موارد هذا البلد وثروات المنطقة هدفا أساسيا للسيطرة والإخضاع.. وهؤلاء يدركون جيدا أن مصر مقبلة على إنتاج أكبر مستخرجات من الغاز الطبيعى وأنها ستُشكل رقما صعبا فى معادلة محور الطاقة على مستوى العالم، خاصة بعد تقاربها الأخير مع قبرص واليونان، وهو أيضا يزعج تلك الإمارة التى تخشى على سوقها من الغاز أن تتأثر بالإنتاج المصرى الأقرب فى زمن وصوله إلى أوروبا عنها!
إن وقوع عملية مسجد «الروضة» الإرهابية فى سيناء تمت فى نطاق مركز بئر العبد على الطريق العام الدولي، فى شمال سيناء قبل مدينة العريش بمسافة كبيرة وهذا له دلالات كثيرة الآن:
أولا: أن هذه العناصر لجأت إلى استهداف مناطق بعيدة عن المراقبات الأمنية الشديدة فى العريش ورفح بعد تضييق الخناق عليها وبإحكام.
ثانيا: إن استهداف مدنيين فى وقت صلاة الجمعة يضمن لهم أكبر قدر من الضحايا، ما يعُطى تأثيرا كبيرا لإحداث حالة من الرعب والإرهاب والضجيج الإعلامى.. ولسان حالهم لمن يمولهم يقول: نعم نحن قادرون.. نحن نستحق الأموال التى تدفع لنا... المهم أن يكون لهم أى أثر ولو فى سبيل ذلك عدلوا من استراتيجيتهم فى مواجهة الدولة إلى قتل الأطفال والمُصلين والساجدين، بعد أن باتوا غير قادرين على تحقيق مآربهم فى ظل خسارات كبيرة تلاحقهم فى العتاد والأرواح ونقص فى التمويل.
ثالثا: الإرهابيون يظنون أن بقتلهم المدنيين قد أوصلوا رسالتهم بأنهم قادرين على التعامل مع أبناء شمال سيناء بدون حماية من ناحية، والقيام بالعمليات الإرهابية فى مناطق بعيدة عن التضييق الامنى من ناحية أخرى.
رابعا: هذا النوع من العمليات الإرهابية رغم جسامة خسائره، إلا أنه بسيط فى تنفيذه، لكنه فى الوقت نفسه يعطى مؤشرا على عدم قدرة تلك العناصر على استكمال العمليات المُعقدة القوية التى تهاجم بأعداد كبيرة وتكتيكات دقيقة وبحذر وأسلحة حديثة كما فى السابق.
خامسا: بات يقينا انخفاض القدرة التسليحية والتكتيكية لتلك العناصر الإرهابية.. ما يعكس قوة الضربات والحملات الأمنية بجميع أنواعها وأنها تؤتى ثمارها بقوة.
سادسا: اختيارهم استهداف مناطق معروفة بـ«مسالمة» وهدوء وثقافة أهلها، يعطى تأثيرا مرتفعا وضجيجا أكبر، ورسالة لجميع قبائل وأهالى سيناء أن جميعهم فى خطر، وبالتالى بث القلق والرعب بينهم وتخييرهم إما التعاون معهم أو الابتعاد عن طريقهم وعدم مقاومتهم، وكنوع من العقاب لتلك القرية التى تقف بقوة مع الدولة فى حربها ضد الإرهاب، فضلا عن توجيه رسالة لأبناء القرى الأخرى تهددهم بذات المصير إذا ظلوا يلاحقونهم أو يخرجون لمطاردتهم!  
لكن بالنظر إلى خطاب الرئيس الذى جاء دقيقا محددا بتلقائية رجل محارب يتحدث بثقة ونبرة عالية ورسائل واضحة، ندرك بأن الرئيس يملك ما يوجع به هؤلاء ومن خلفهم.. بل إن خروجه بكلمته لتوجيه العزاء للشعب المصرى بأكمله فى بدايتها، يعطى رسالة مفادها أن الرجل أخذ الثأر بالفعل قبل أن يتحدث، وأن الغارات والضربات لم تتوقف ولن تتوقف إلا بالقضاء على هذه العناصر.
بل أبدى الرئيس مشاركته بقوة أهالى سيناء فى مصابهم، بإعلانه الحداد فى كامل الدولة المصرية على أرواح أبنائهم.
أظهر خطابه المتماسك، إلمامه بأهداف تلك العملية التى وصفها بـ«الخسيسة» كونها طالت رجالا وأطفالا وعائلات بأكملها كل ذنبها أنها ذهبت لأداء الصلاة، وأنها أصلا تهدف إلى التشكيك فى قدرة الدولة المصرية على العبور والنهوض من جديد.
لكن بنبرة التحدى وكرجل دولة تحدث «السيسي» بلهجة واثقة تعطى مؤشرات بأنه لا تراجع عن مواجهة الإرهاب فى خط لا يؤثر على استكمال مسيرة خريطة جديدة للتنمية الشاملة فى مصر، مؤكدا على ضرورة وحدة الصف.
ولم يفته أن يجدد التأكيد على أن القوات المسلحة إلى جانب الشرطة المدنية هى من سيثأر للشهداء خلال الفترة القليلة القادمة، وكأن الرجل يأمرهم على الفور فى أثناء حديثه بأن يأتوا له بالخبر اليقين.. نعم ينتظر الرئيس أن يستمع إلى جملة من كلمتين من قواته: تمام يا أفندم.. عُلم ويُنفذ.
سنرد على هذا العمل بقوة غاشمة، كلمات قوية رددها الرئيس الذى لم تهتز نبرة صوته ولو للحظة طوال 4 دقائق هى مدة كلماته تعليقا على الحادث «الآثم»، ما يبين أن الرجل لن يسمح بأى عبث خلال الفترة المقبلة، وأن أوامره الصريحة «دكوا معاقلهم واهدموا الجبال فوق رؤوسهم وأشعلوا النيران فى مغاراتهم».
صنفهم الرئيس فى خطابه بأنهم «متطرفين»، «إرهابيين» و«تكفيريين»، ما يعنى أن ثلاثتهم سيلاحقون مهما اختلفت المسميات هنا أو هناك.
ولخص الرئيس تلك العمليات، بأنها نتيجة وانعكاس لما يحدث على أرض الواقع فى مواجهة الإرهاب الذى تحاربه مصر منفردة، وهنا قصد «السيسي» أن يمرر رسالة للمصريين، بأن الأمر أكبر من مجموعات إرهابية هنا أو هناك.. وأن هناك من أطلق يد الإرهاب فى المنطقة أو على أقل تقدير غض الطرف عن انتشاره وتمدده فى دول المنطقة.
«تحركاتنا تهدف إلى إيقاف المخطط الإجرامى الرهيب الذى يهدف إلى تدمير ما تبقى من منطقتنا»، قالها الرئيس صادقة لمن يعيها.. فالرجل شغل منصب مدير مخابرات ولديه تفاصيل قصة إسقاط المنطقة من بدايتها ولديه الكثير من المعلومات لا يمكن إتاحتها صراحة، تتعلق بالأساس بأن عين قوى الشر الآن على مصر، والهدف إسقاطها وإفشال محاولتها إخماد فتن المنطقة!    
تعمد الرئيس إشراك المصريين فى حديثه، لمنحهم الثقة فى من يقود دولتهم بقوله « عليكم أن تثقوا بأن المعركة التى تخوضونها هى أنبل واشرف معركة على الإطلاق»... وهى جملة بالغة الدلالة تؤشر إلى حجم التحديات التى تواجهها مصر، لكنها فى الوقت نفسه لن تتخلى عن دورها فى الحفاظ على امتدادها العربى شرقا وغربا وجنوبا وأمن المنطقة بالكامل.. فمصر دولة لا تعرف منطق «أنا ومن بعدى الطوفان»، بل منهجها « من حق المنطقة بأكملها أن تنعم فى أمن وسلام»، شاء من شاء وأبى من أبى.
«هنشوف ربنا هيساعد مين.. هنشوف مين فينا على حق»... كلمات «السيسى» تخاطب المُشككين فى حرب مصر على الإرهاب.. تُخاطب المترددين.. الواقفين فى المنتصف.. المتمسكين بالمنطقة الرمادية.. بأنه لا حجة أمامكم اليوم.. وأن هؤلاء الإرهابيين ليسوا أصحاب قضية عادلة... بل هم مجموعات من المرتزقة المغيبة التى سيطر عليها وسخرها الشيطان والشر وأهله.. وأن من أراد لهذا البلد الشر، أبدا لن ينال مبتغاه وستحيا مصر.