الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأزهر والكنيسة والصحفيون !

الأزهر والكنيسة والصحفيون !






لم تفاجئنى الوفقة على سلالم نقابة الصحفيين رفضا لقرار الرئيس الأمريكى دونالد ترامب ، ولم تفاجئنى اللافتات التى رفعها البعض وتسىء للدولة المصرية.
فبحسب تصنيف الباحثين فى علم النفس الاجتماعى فإن هناك خصائص عديدة للمظاهرات، منها، تراجع الذكاء، فسيطرة العواطف القوية خلال المظاهرة، تجعل القدرات العقلية للأفراد فى حدها الأدنى، وبالتالى فإن الأفراد الذين يتصفون بدرجات ذكاء مرتفعة فى الظروف الطبيعية يصبح مستوى ذكاؤهم أقل أثناء المظاهرة.
الباحثون فى على النفس الاجتماعى يقولون أيضا إن من سمات المظاهرات القابلية للاستقواء، إذ يندفع أفراد المظاهرة، إلى قبول أى استجابة يمليها عليهم الأقل عقلا والأدنى ذكاء  من دون تفكير نقدى معمق.
ويضيف الباحثون هنا أيضا  ضعف الشعور بالمسئولية نتيجة المسئولية المشتركة التى تقع على عاتق المظاهرة بصورة عامة، فالإقدام على أى تصرف  لا يأتى فردياً، وبالتالى فإن المسئولية تأتى جماعية، وغالباً لا يتحمل أفراد المظاهرة أى مسئولية قانونية على الأعمال التى يقومون بها؛ ولهذا يسود شعور بضعف المسئولية عن أفعال المظاهرة.
لكل ذلك لم تفاجئنى الوقفة على سلالم الصحفيين ولا ماحدث فيها، بالعكس كان متوقعا جدا.
فاجأنى شىء آخر يبدو أقل أهمية فى نظر الكثيرين، فاجأى الخلط البشع بين صورة المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، الجميع على السوشيال ميديا والقنوات التليفزيونية وفى الصحف – نفس المهنة التى تظاهر على السلالم بعض من يعملون فيها – ينشرون صورة مسجد قبة الصخرة على أنه المسجد الأقصى !!
لا أريد هنا إدخالك فى حصة تاريخ عن الفرق بين المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة ومن بناه،- وإن كانت حصة مهمة جدا لإنهاء حالة من الجهل -  لكن كن أمينا مع نفسك وأسأل هل فعلا أعرف الفرق.. ولو تعرف الفرق، فمن ينشر صور مسجد قبة الصخرة على أنه المسجد الأقصى إذن؟!!.. فاجأنى أن لا أحد يتحدث أن إسرائيل أصدرت سنة 1980 قانونًا اسمه «قانون القدس Jerusalem Law».. قالت فيه إن القدس عاصمة لإسرائيل.. و هذا القانون تحديدا اعترفت به رسميًا الولايات المتحدة الأمريكية وعدة دول أخرى !!
فاجأنى أن الكثيرين لايعرفون حتى أن أمريكا لديها قطعة أرض اشترتها فى العام 1989 فى القدس «الغربية» باسم الولايات المتحدة، وخصصتها لبناء السفارة عليها، ولا أحد يعلم - أو لايريد أن يعلم - إن القنصلية الأمريكية القديمة موجودة فى القدس القديمة منذ العام  1912.
فاجأنى ابنى يوسف  - فى الصف الثانى الإعدادى - وهو يقول لى إن معلهم فى الليسيه قال لهم إن القدس وفلسطين كلها من حق الإسرائيليين، لأن الفلسطينيين قديما باعوا أرضهم لليهود مقابل مبالغ طائلة.
كل تلك الأمور فاجأتنى واصابتنى بارتباك شديد وحيرة حقيقية ، وبرز السؤال الأهم فى رأسى من المسئول عن حالة التوهان والمغالطات التى ترتكب على كافة الأصعدة؟!
ومن المسئول عن تصحيح تلك المفاهيم المغلوطة، سواء لأبنائنا ومعلميهم، أو للزملاء فى المهنة، والتى من المفترض أن يكونوا شعلة ورأس حربة التنوير؟!
صراحة لم أجد اجابة لتساؤلاتى، ولا أزعم أنى سأجد اجابة قريبا، لكن الموقف المشرف للأزهر والكنيسة برفض لقاء نائب الرئيس الأمريكى «مايك بنس»، فى زيارة مقرر لها ديسمبر الجارى، احتجاجا على قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، أعطانى بعض الأمل فى اتخاذ خطوات جادة وموقف واضح مبنى على معلومات حقيقية من أجل القضية الفلسطينية كلها وليس القدس فقط.