الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الانتخابات

الانتخابات






الانتخابات - أى انتخابات - هى مؤشر على المزاج العام، وانعكاس حقيقى، لاختيارات الناس، سواء كانت هذه الانتخابات فى مدرسة أو جامعة، أو أندية، أو برلمان ورئاسة.
الانتخابات الأخيرة فى الاندية المصرية وفى جامعات مصر، كشفت عن عدة حقائق لا يجب تجاهلها بأى حال من الأحوال.
فالانتخابات هى العملية الرسمية لاختيار شخص لتولى منصب رسمى، أو قبول أو رفض اقتراح سياسى بواسطة التصويت.
ومن المهم التمييز بين شكل الانتخابات ومضمونها، ففى بعض الحالات توجد الأشكال الانتخابية ولكن يغيب المضمون الانتخابى مثل حالة عدم توفر الخيار الحر وغير المزيف للاختيار بين بديلين على الأقل.
انتخابات النادى الأهلى على سبيل المثال، هى إعلان واضح وصريح لفشل والرفض الشعبى الكبير لدولة رجال الأعمال وسيطرتهم.
محمود الخطيب أعاد نجوم الكرة إلى مقعد الرئاسة بالنادى الأهلى، واكتسح نتيجة الانتخابات، بفارق كبير عن القائمة المنافسة التى يقودها محمود طاهر الرئيس السابق، وأحد أهم رجال الأعمال والذى ضخ -حسب ماتردد - 200 مليون جنيه فى الدعاية.
وانتصرت الجماهيرية لقائد الأهلى فى فترة الثمانينات من القرن الماضى، وحصد 20956 صوتا مقابل 13182 صوتا لمنافسه محمود طاهر.
وتخطى المشهد الانتخابى حدود جدران النادى فى منطقة الجزيرة ، وحُظى بمتابعة ملايين المصريين من عشاق الأهلي، الذين اهتموا بنتيجة الاقتراع أكثر من اهتمامهم بالانتخابات الرئاسية أو انتخابات البرلمان، ولذلك دلالة على أن كرة القدم عموما، والنادى الأهلى بشكل خاص، أيقونة الفرحة والمتنفس الوحيد لدى المصريين.
الانتخابات فى الأندية نفسها أعطتنا مؤشرًا على المزاج العام الرافض للتوريث، ففى نادى الزمالك اختارت الجمعية العمومية مرتضى منصور رئيسا بـ 26 ألف صوت وبفارق كبير جدا - 10 آلاف صوت تقريبا - عن منافسه أحمد سليمان.
المثير أن نجل مرتضى منصور - أحمد - أسقطته الجمعية العمومية لصالح منافسه هانى العتال، وهو مؤشر على رفض تحويل النادى لمؤسسة عائلية ينتظرها التوريث.
الانتخابات فى اتحادات الطلبة أيضا تعطينا مؤشرات فى غاية الأهمية، أهمها الاختفاء التام  للحركات الاحتجاجية  التى استحوذت على الاتحادات الطلابية طوال العقود الأربعة السابقة، وعلى رأسها جماعة الإخوان والاشتراكيين الثوريين والناصريين و6 إبريل وغيرهم.
تللك الحركات اختفت تماما حتى فى الترشح والمنافسة الانتخابية، وهو ما يعطى دلالات واضحة لحالة الرفض بين الطلاب لهذه الحركات.
وشهدت الانتخابات الطلابية الأخيرة أقل عدد من المرشحين والناخبين فى تاريخ الجامعات حيث أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات الطلابية بجامعة القاهرة، فوز الطلاب فى ثماني كليات بالتزكية، فيما فشلت أربع كليات فى إكمال النصاب القانونى بها، ما أدى إلى تعيين اللجنة لأعضاء الاتحاد بهذه الكليات.
وأجريت الانتخابات الطلابية وسط هدوء تام فى الجامعات كافة ، واستطاع الطلاب أن يديروا المعركة الانتخابية بحكمة، مؤكدين أن الديمقراطية ليست فوضى أو فرض إرادة سياسية على الطلاب، بل هى احترام القواعد والعمل وفقا للنظام الذى ارتضاه الجميع بعيدا عن الشعارات الجوفاء.
الحقيقة أن الانتخابات - فى الأندية والجامعات - ينبغى ألا تمر دلالاتها مرور الكرام، فقد حوت مجرياتها معانى تكاد تخرجها من كونها مجرد عملية بسيطة لاختيار رؤساء اتحادات طلاب أو رؤساء أندية تدير نشاطات رياضية واجتماعية داخل حيازات مكانية محدودة.
الانتخابات كشفت حاجة المصريين  لاختيار من يرأسهم  بحرية وشفافية وميل واضح نحو الاستقرار.
كشفت أيضا حالة وضوح الرؤية لدى الجمعية العمومية - فى الاندية والجامعات-  إزاء التعامل مع قضايا المجتمع.. وما يمكن الإشارة إليه هنا أن هذه الرؤية ليست رؤية موسمية ظرفية، بقدر ما أضحت رؤية استراتيجية طويلة الأمد، مفادها أن المستقبل يصنعه أصحابه، وأن الدمج والاصطفاف هما لغة يتعين أن يجيدها كل من ينتمى إلى هذا الوطن ويسعى إلى تغيير حقيقي؛ فلن يتم حل المشكلات إلا عبر مشاركات فى كل انتخابات ، تتجاوز النظرة التقليدية وتبحث عن حلول إبداعية.