الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
إبراهيم نافع

إبراهيم نافع






فى مؤتمراته الانتخابية مطلع التسعينيات كان المرشح لمنصب النقيب الاستاذ إبراهيم نافع يتلفت حوله متسائلا «فين حازم منير؟ يا ترى حيهاجمنى فى إيه النهاردة؟» ويبتسم منتظرا.
بعدها بخمس سنوات وقفت فى مؤتمر انتخابى حضره نحو 400 صحفى وقلت له «أنا مدين لكم باعتذار أمام الجميع.. فمن وقف وقفتكم فى مواجهة قانون حماية الفساد لا يستحق سوى التأييد والإشادة».
هذا هو نقيب الصحفيين الراحل إبراهيم نافع الذى فرض احترام الجميع له بمواقف واضحة وقت الأزمات لا لبس فيها، مؤكدا أن الحريات الصحفية لا مجال للتلاعب بها.
كنا نواجه مشروع قانون فريد من نوعه يحبس حتى القراء وليس فقط الصحفيين، وبلغ من تشدده وتطرفه أن أطلقنا عليه قانون «حماية الفساد» من كثرة ما به من قيود على حريات الرأى والتعبير.
فى قاعة مجلس الشورى وقتها وكنت محررا برلمانيا لجريدة الأهالى، وفى خضم مناقشات ساخنة ومساجلات حادة استمرت لجلسات طوال فوجئنا بالنقيب إبراهيم نافع يقف قائلا: «لن استكمل المناقشات أنا انسحب من الجلسة وسألجأ لسيادة لرئيس اشكى له التضييق على الحريات الصحفية».
كانت مفاجأة فعلا، فقامة مثل إبراهيم نافع وثيقة الصلة بدوائر القرار يعلم جيدا معنى قراره ورغم ذلك لا يخشى اعلان الانسحاب من جلسة رسمية لغرفة من غرفتى البرلمان ولا يخشى إحراج الرئيس بإعلان أنه سيلجأ له شاكيا من خطوة اقدمت عليها الدولة بكل مؤسساتها وكنا جميعا مقتنعين انها خطوة حصلت على الضوء الاخضر.
قبلها بأيام قليلة وفى عيد الإعلاميين ذهب الراحل الاستاذ جلال عيسى وكيل النقابة ممثلا لها، و كان عضوا بارزا بالحزب الوطنى، وفى حضور الرئيس الاسبق حسنى مبارك وعلى الهواء مباشرة عبر شاشات التليفزيونات قال فى كلمته التى ألقاها باسم النقابة «سيادة الرئيس لم ننتظر منك هذه الهدية للاعلاميين فى عيدهم» ودفع الراحل الثمن بكل رحابة صدر وقناعة ورضا.
إبراهيم نافع كان يقود مجلس نقابة يضم كل ألوان الطيف النقابى، ومتنوع الانتماء السياسى، ولم يستبعد أو يعزل أى طرف وإنما قاد الجميع كنقيب يفهم جيدا معنى العمل النقابى، وزاد على ذلك بتشكيل لجنة تضم كل رموز المهنة وشيوخها من أعتى معارضيه وأبرزهم.
كانت معارك الراحل نقابية لم يزايد على أحد ولم يخطف النقابة لصالح اتجاه واحد بل سجل الدروس لمن يريد أن يعتبر أن النقابة ملك للجميع، رغم أنه كان يمتلك من النفوذ والتأثير والشعبية ما يساعده على ذلك، ولم يتقيد بانتمائه للدولة أو للحزب الحاكم وهو ما سجله أيضا الاستاذ جلال عيسى، وإنما فقط تقيد بانتمائه النقابى، وليت البعض ممن تولى المنصب بعده قد استوعب وفهم الدرس بدلا من مهاجمته ومحاولة التقليل من دور الراحل العظيم الذى أسس مبنى للنقابة يلبى كل احتياجات تطوير المهنة والنهوض بها.
رحم الله إبراهيم نافع الذى فهم جيدا الحدود الفاصلة بين الدور المهنى للنقابة وبين الدور السياسى وقادها بنجاح إلى بر الأمان فى أحلك الظروف.