الإثنين 21 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
فى وداع إبراهيم نافع

فى وداع إبراهيم نافع






وداع لم يتخلف تقريبا عنه أحد.. لا من الأهرام بمختلف أجياله ولا من نقباء الصحفيين السابقين ولا الصحفيين النقابيين ولا من الجماعة الصحفية كلها.. وهؤلاء باعتبارهم المعنيين فى الأساس برد الجميل للرجل الذى قدم لهم ما لم يقدمه غيره فقد كانوا عند الظن بهم.. أما باقى مؤسسات وهيئات المجتمع المصرى ورموزه وشخصياته العامة وأحاد الناس فكانوا أيضا هناك وعلى جميع المستويات ومن كل الأجيال أيضا!
نافع يستحق.. كنت شاهداً ـ لسبب أو لآخر وفى غير مناسبة  كيف كانت تتعثر صحف حزبية معارضة وأخرى خاصة فى الوفاء بالتزاماتها تجاه مطابع الأهرام وكيف كانت الديون فوق الديون تهدد هذه الصحف بالتوقف إلا أن دعم إبراهيم نافع كان الحارس ليس لهذه التجارب وحسب وإنما للتجربة الحزبية ذاتها التى كان يؤمن بها وبضرورة استمرارها وكان يدرك ـ كما كنا ندرك ـ أن الأحزاب فى بلادنا ليست إلا عنوانا وصحيفة!
كانت عناوين ومانشيتات وحملات هذه الصحف تدفع أى مسئول بنفى أى صلة بها خصوصا أن الحكومة وقتها دخلت مع بعضها فى معارك عنيفة وقضايا شهيرة.. مرة بالرد من خلال الصحف القومية ومرة باللجوء للقضاء مباشرة وكثيرون يتذكرون معارك صحيفتى الشعب والعربى مع يوسف والى وزير الزراعة ومع اللواء حسن الألفى وزير الداخلية.. وبعضها استمر اشهر وسنوات.. إلا أن عددا واحدا لم يتوقف رغم الديون الكبيرة التى كانت وحدها مبررا قانونيا ومنطقيا لمنع الطبع.. إلا أنه لم يفعلها!
كان فى العزاء من اختلف مع الرجل.. إلا أن الأيام ـ فيما يبدو ـ كانت كفيلة لمعرفة قيمته خصوصا انجازه على الأرض يقف هناك شامخا شاهدا بما قدم.. ففى عبدالخالق ثروت يقف مبنى النقابة العظيم دليلا على أن الرجل كان هنا.. وأثرا خالدا تركه نافع للمهنة وأبنائها.. وفى العزاء كان نقابيون فى مهن أخرى يتحسرون على نقاباتهم وكيف لا تعرف حتى الآن بناء مثله لنقاباتهم!.. والأمر ـ لمن لا يعرف ـ ليست أمر حوائط وجدران وبناء أسمنتى مرتفع وضخم.. إنما قصة إجراءات وأوراق وتراخيص وأموال لا قدرة لأحد عليها وهى غير متوفرة أصلا.. ومع ذلك هزم نافع كل ذلك ودفع وزارات ووزراء لتقديم كل ما يستطيعون وتحول المبنى القديم بشكله البدائى إلى تحفة معمارية تليق بالمهنة وتليق باصحابها وتليق بنقيب آثر أن يفى بما وعد!
ومنذ رحيله وأبناء الأهرام يروون ذكرياتهم معه.. فزميل منهم أصدر نافع قرار تعيينه بلا وساطة وآخر أصدر قرار تعيينه لسبب بسيط لم يتخيله أحد وثالث كان البعد الإنسانى حاضرا فى مواقف ومواقف أخرى ورابعة تروى كيف كان شهما كريما فى مناسبة إنسانية لا تنساها!
السيرة الطيبة تبقى.. وهى وحدها التى تبقى.. وبيننا وبينكم الجنائز كما يقول الإمام أحمد بن حنبل وجنازة الرجل كانت شهادة ختامية له.. وهى أول حشد للراحل الكريم بلا شبهة مجاملة وبلا أى سعى لأى مصلحة..فقد جاءت والرجل عند ربه لم يبق من عطائه شيئا إلا تلك السيرة التى ستبقى!