الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تقسيم مصر؟!

تقسيم مصر؟!






هل يمكن ان تعانى مصر فى لحظة ما تعانيه العراق الآن أو ما يتهدد سوريا أو ما سبق وحدث بالفعل فى السودان؟ هل يمكن لمصر ان تواجه محاولات استقلال أو انشقاقات فى الدولة لتأسيس واعلان دولة مستقلة لاقلية هنا أو هناك؟ وهل فى مصر أصلا اقليات؟
الحقيقة ان مصطلح الاقليات لم يعد هو الأساس، لأن شعب جنوب السودان لم يتم دعم رغبته فى الانفصال لاسباب عرقية قدر ما هى اسباب اقتصادية كون المنطقة بحيرة نفطية واعدة ، كما ان  الاكراد ورغم العمق التاريخى لمشكلاتهم الاقليمية إلا أن التعامل معهم فى العراق مثلا منحهم حكما ذاتيا شكليا لوهلة وفعليا لفترة طويلة وفوق كل ذلك فالأساس ان المنطقة واعدة  بموارد الطاقة.
المسألة ان تصور تفتيت المنطقة وإعادة رسمها يتم فى إطار تصور سياسى ربما معتمدا فى بعض جوانبه على الاقليات لكنه فى الأساس لا يهدف إلى منح هؤلاء حقوقا أو يمنع عنهم اضطهادا والا فلماذا صمت المجتمع الدولى قرونا و حقبا و عهودا طويلة لينتبه فجأة الى ما غاب عنه طويلا.
الحاصل ان فكرة التفتيت تقوم على خلق الثغرات أو الاعتماد على ثغرات قائمة واستغلالها للنفاذ منها وتحويلها من مناطق خلاف و اختلاف الى بؤر صراع وعن طريق تغذيتها يتسع مجال الفكرة وتتحول الى واقع يتفاقم ثم ينفجر لتعانى الدولة المستهدفة من صراع عرقى طائفى.. سمه كما تشاء وقتها.
فى مصر بعض عناصر التقسيم قائمة يتم التلويح بها لنا على فترات فى اشارات واضحة بجلاء مثل النوبة أو الأقباط أو الامازيجية، وهى اشارات بهدف الابتزاز أو الضغط لأسباب مختلفة، لكن المؤكد ان توقيت استخدام هذه العناصر فى مصر لم تحن بعد.
اذن يبقى السؤال كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة السياسية الخطيرة التى تستهدف اعادة صياغة المنطقة ورسم مشهدها العام فى اطار مختلف عما كانت عليه على مدار 100 عام مضت، وهل أصبحنا امام قدر لا فكاك منه و ستحل علينا لعنة التقسيم بمنطق ان الاقوى يسود؟
المؤكد أننا لسنا امام قدر لا فكاك منه، وإنما نحن امام واقع يستلزم إجراء تغيير جذرى فى تفكيرنا وللبحث عن أفكار خارج عقلية الدولة التقليدية أفكار تستهدف صياغة شراكات جديدة فى مصر بين عناصر ومكونات الدولة تقوم على التعاون والتفاهم أكثر ما تقوم على التربص والتشكك.
المؤكد ان المساواة بين أبناء الوطن الواحد فى الحقوق والواجبات تسد ثغرات عديدة، وحظر التمييز وفقا لقوانين قائمة وأخرى مطلوبة وآليات تعمل على انفاذ هذه القوانين تقطع الطريق على أى محاولة لتفتيت الوطن، كما ان اعمال دولة القانون على الجميع من دون استثناء ستفشل أى محاولة للبحث عن أذرع تساند مخططات ومحاولات التقسيم.
الحفاظ على الدولة الوطنية لم يعد شعارا مطلوب ترديد الهتاف به فى المقالات والاحاديث السياسية، وإنما هى مسالة أمن قومى تحتاج قبل الاندفاع فى الهتاف ان نسأل انفسنا عن افضل ادوات لحماية الدولة الوطنية حتى نحمى الاجيال المقبلة ونضمن لابنائنا الحياة فى كنف دولة.
نحتاج الى بناء شراكات أكثر ديمقراطية بين عناصر ومكونات الدولة المصرية فى المرحلة المقبلة