الخميس 30 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
معارك الصحفيين

معارك الصحفيين






كل من تولى منصب نقيب الصحفيين يعلن أن حريات الرأى والتعبير فى مقدمة برنامجه وصدارة أولوياته لحماية العاملين ببلاط صاحبة الجلالة وحقوق القراء والمتابعين من المواطنين، باعتبار أن ملف الحريات قضية المجتمع كله.
والحقيقة أن أحدا لا يستطيع الاختلاف فى هذا الأمر، فقضية الحريات كانت وستظل دائما المسألة الأساسية فى أى مجتمع فمن غيرها لا يمكن مكافحة الفساد ومواجهته ولا يمكن تحقيق مبدأ المشاركة الشعبية فى الحكم.
ورغم كل ذلك يظل السؤال الحائر من عشرات السنين كيف يستطيع الصحفى أن يمارس حقه فى التعبير بحرية وفى إطار القانون إذا كان لا يستطيع أن يسد احتياجاته وأسرته المعيشية، وتحاصره قواعد وإجراءات قانونية تهدده بالإطاحة من عمله إذا خالف أو اختلف.
المسألة ببساطة أن ضعف رواتب الصحفيين وبنود تعاقداتهم تمثل خطرا حقيقيا على قدرة الصحفى في ممارسة عمله فى أجواء ملائمة تجعله فعلا قادرا على الاستفادة القصوى من حريات الرأى و التعبير.
تصوروا أن بعض المؤسسات تتعامل مع الصحفيين تحت التمرين بأسلوب «العداد» أى قدمت كم خبرا وكم منهم منشور والحساب «يبقى» على الخبر، وكذلك فى بقية الأداوت، وبعد أن كنا نتعامل بمفهوم كشوف الإنتاج أصبحنا نتعامل بأسلوب العداد.
تخيلوا أن عقود العمل فى العديد من المؤسسات الصحفية الخاصة تفرض على الصحفيين شروطا فى منتهى الاستعباد منها مثلا أنه لا يحق له العمل بعد تركه المكان لمدة 3 أشهر أو 6 أشهر، و فى المقابل لا يعوضه بما يكفى للصمود طوال فترة الحظر، ويحظر عليه الإعلان عن سبب تركه العمل ويفرض عليه غرامات لو اخترق ذلك، وتكون عقوبته الفصل ولا حق له فى التعويض إذا لم يلتزم بتعليمات رؤسائه فى العمل، ده طبعا لو نال شرف التعاقد.
الحقيقة أن دخول ورواتب شباب الصحفيين وغير المعينين من مكافآت متغيرة أو ثابتة كفيلة بإثارة الحزن على ما وصلت له الصحافة المصرية يا سيادة النقيب، فما بالك برواتب المعينين وشيوخ المهنة و معاشاتهم التى لا تلبى احتياجات أسرة لأكثر من أربعة ايام أو اسبوع على الأكثر.
ظاهرة لجوء الصحفيين للعمل فى أكثر من جريدة وموقع، و اللجوء إلى برامج الفضائيات للعمل ليلا بعد الانتظام فى أعمالهم الصحفية نهارا، كلها تدلل وتؤشر على بؤس الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتى تدفعهم للبحث عن الدخول الإضافية.
فعلا مسألة أجور وعقود الصحفيين جزء من الأمن القومى يا سيادة النقيب، ليس تهويلا إنما حقيقة، فمن لا يجد قوته ربما يلجأ لأى وسائل وسبل  لتوفير احتياجاته وأسرته، وأنت تعلم بتاريخك وخبرتك أن أبواب... كثيرة.
النقابة مطالبة يا سيادة النقيب أن تتجاوز أخطاء السابقين، وأن تعيد ترتيب الأولويات، لا أقصد التراجع بملف حريات الرأى والتعبير، وإنما على الأقل منح الاهتمام الكافى لملف الأجور والتعاقدات بنفس الأهمية  فى التعامل مع أصحاب الصحف والإدارات الحكومية المعنية.
لدينا هيئات وطنية محترمة، ومجلس مركزى للإعلام، و نمتلك الآن أدوات قوية  فلا مجال للتخاذل.