الجمعة 2 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المؤلف المسرحى.. ينزع الملك ممن يشاء!!

المؤلف المسرحى.. ينزع الملك ممن يشاء!!






سعدت جدا بدعوتى لمهرجان المسرح العربى بتونس  للمشاركة فى فعالياته وزادت سعادتى أكثر حين علمت أننى سأدير جلسة مهمة عن سلطة المؤلف المسرحى ومعارفه، فأنا أعرف أن هناك أزمة حقيقية تواجه المؤلف المسرحى دون باقى الكتاب فى مصر والعالم العربى ،و بقراءة للعروض التى تقدمت لتفوز بجائزة المهرجان الكبرى وهى جائزة الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، وكانت  27 عرضا مسرحيا؛ منها 18 عرضا؛ كان المخرج فيها  هو المؤلف، و9 عروض فقط لها مؤلف، منها ستة عروض فقط لكتاب مسرح من العالم العربى وعرض معد عن رواية وعرضان لمؤلفين أجنبيين هما داريوفو وجان جنيه، وحتى العروض المسرحية المشاركة فى المسابقة الرسمية والتى تقدر ب 11 عرضا، عدد العروض التى كان لها مؤلف مسرحى ثلاثة عروض فقط وعرض معد لمؤلف وسبعة عروض من تأليف المخرج!!.
ويعنى هذا التحليل الرقمى أن هناك حالة غياب حقيقية للكاتب المسرحى وحضورا طاغيا للمخرج المؤلف، وليس هناك أية غضاضة لو كان هذا المخرج يجيد الكتابة وتلك حالات قليلة ولكنها ليست ظاهرة ولكن الظاهرة أن كثيرا من المخرجين يؤلفون لأسباب شخصية ومادية.
 ويراودنى سؤال كبير، لماذا حلم كل كتاب مصر فى ستينيات القرن الفائت بالكتابة للمسرح؟ ما الذى كان يعطيه المسرح من قوة  جعلت نجيب محفوظ ويوسف إدريس وصلاح عبد الصبور رموز الرواية والقصة القصيرة والشعر فى مصر أن يتجهوا للكتابة المسرحية وقتها، فحقق عبد الصبور التفوق من خلال المسرح الشعرى وحاول إدريس أن يشكل ظاهرة تخص مسرحه، وصفها بالمسرح المصري، ولم يحقق محفوظ إنجازا يضيف له شيئا أمام مقدرته الروائية الفذة والكبيرة والعالمية!!.
من هنا كان السؤال الثانى، لماذا تراجعت قوة وتواجد المؤلف المسرحى حتى صار عدم تواجده على لافتات المسرحيات أمرا عاديا ولا يمثل أية تساؤلات أو مخاوف من أحد، واستبدل وجوده بأسماء أخري، بدلا من - تأليف- إلى (الدراماتورج، وكتابة مسرحية، وإعداد وإخراج، ورؤية مسرحية) ترى ما الأسباب التى أدت إلى هذا التراجع الذى شارك فيه المسرحيون فى مصر كنموذج أعتقد أنه متكرر فى بعض البلدان العربية  قبل الآخرين؛ ومن تلك الأسباب:
1- انحسار السلاسل الأدبية التى تنشر النصوص المسرحية وقلة العدد المنشور فيها ( نصوص مسرحية / المسرح العربي).
2- انحسار عدد المسابقات التى تهتم بالنص المسرحى فى مصر وتلاشيها مثل محمد تيمور من هيئة الكتاب وتوفيق الحكيم من المركز القومى للمسرح والتأليف المسرحى بالمجلس الأعلى للثقافة والمسابقة المركزية لقصور الثقافة.
3- تأخر الاعتراف بالمؤلف المسرحى حتى يعرض أعماله على خشبة المسرح ونموذج ذلك نقابة المهن التمثيلية، فعدد الأعضاء بشعبة التأليف المسرحى قليل بالمقارنة للشعب الأخرى.
4- تراجع المسرح الشعرى كسلطة قوية للنص المسرحى لأسباب كثيرة، لدرجة أن جائزة الدولة التشجيعية فى مصر لم تجد نصا تمنحه الجائزة عام 2017
5-  ارتباط المسرح لدى المشاهد العربى بفكرة الكوميديا التى تقدس الخروج على النص وليس الكوميديا التى تبدأ من أسباب الخطأ الكوميدي.
6- بزوغ نجم المخرج/ الدراماتورج لأسباب شخصية أو مادية.
7- دعوة المخرجين فى مسرح الهواة للبعد عن  تنفيذ النصوص الجديدة أو تأليف النصوص التى يريدونها لأسباب مادية لدى بعض المؤسسات .
8- تراجع وإهمال الدرس الأكاديمى الذى يهتم بالنص المسرحى  فى كليات الآداب أو حتى فى الأكاديميات التى تهتم بالمسرح.
8- رفض دور النشر الخاصة وبعض الدور العامة نشر النصوص المسرحية بحجة أنها لا توزع.
9- إهمال الدوريات؛ من جرائد ومجلات  لنشر النصوص المسرحية
10- توجه العديد من كتاب المسرح للدراما التليفزيونية فقل عدد كتاب المسرح، والغريب أن أسماء مهمة مثل أسامة أنور عكاشة قد عادت للكتابة المسرحية فى مرحلتها الأخيرة،  فقدم مسرح الدولة بمصر له عددا من المسرحيات.
وأخيرا، أعتقد أن حل هذه المشكلات سيؤدى فى تصورى إلى عودة سلطة المؤلف المسرحى مرة أخرى وتواجده قبل أن يتلاشي، وأرجو من الهيئة العربية للمسرح أن تقبل داخل إطار المسابقة الرسمية لجائزة الدكتور سلطان القاسمى الأعمال التى لها مؤلف، على ألا يكون هو المخرج، فيجب ألا يكون التأليف والإخراج لشخص واحد، فاختلاف المؤلف والمخرج سيؤدى بالطبع لرؤى جديدة ومختلفة عن رؤية شخص واحد، وأرى أيضا أن تدعم الهيئة العربية للمسرح نشر النصوص المسرحية فى العالم العربى من خلال تفهمات مع دور النشر العامة والخاصة بشراء نسخ أو دعم الطباعة، وتوزيع السلسلة التى تنشرها الهيئة توزيعا شعبيا فى العالم العربى لتكون بين أيدى المسرحيين، وأعتقد أن ذلك سوف يعطى فرصة كبيرة للتأليف المسرحى خاصة أن الهيئة تقيم سنويا مسابقتين للتأليف المسرحي؛ واحدة للكبار وأخرى للصغار.