الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
غضب السيد الرئيس

غضب السيد الرئيس






يحق للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسى أن يغضب حين يرى مطالبات الناس تنحصر فى السؤال عن زيادة دخولهم المالية فقط، لكن أيضا الناس من حقهم أن يتساءلوا عن نهاية النفق ومتى يشعرون بنتائج الإصلاح الذى تحملوا جانبا كبيرا من تداعياته السلبية.
غضب الرئيس لأن العدالة الاجتماعية او الرعاية الاجتماعية ليست فى زيادة الرواتب والدخول، إنما هى فى سلسلة طويلة من الإجراءات والسياسات أكثرها ضررا الزيادة النقدية.
دوما ما يتصدر أى مناقشة اقتصادية سؤال محدد أيهما أكثر أهمية زيادة الدخول والرواتب أم تحسين الخدمات الأساسية للمواطنين وتوفيرها وتطويرها بشكل دائم.
زيادة الرواتب والدخول فى مصر تفتح الباب لموجات تضخمية وارتفاعات منفلتة فى الأسعار، ودائما ما يقول الناس: الحكومة بتدينا الفلوس باليمين والتجار بياخدوها بالشمال وهى مسألة طبيعية اذ إن الزيادات النقدية تنحصر فى فئات محددة ويعمل أصحاب الأنشطة الحرة على زيادة قيمة خدماتهم فى المقابل فيبتلعون ما يحصل عليه الناس وأحيانا قبل ما يحصلون عليه أصلا.
لذلك فإن سياسات الرعاية أو العدالة الاجتماعية - وبينهما فارق كبير – تهتم أساسًا بتوفير الخدمات للمواطنين وزيادة مخصصات الإنفاق فى الموازنة العامة على هذه القطاعات لتحسين مستوى الخدمة وترقية جودتها بشكل متواصل ومستمر.
من حق الناس أن تسأل متى وكيف؟ ومن حقها أن تتساءل لماذا؟ والحكومات التى لا تتعرض للمساءلة من شعوبها حكومات بائسة فاشلة لا تحقق نجاحًا، أم الشعوب الحريصة على أن تسأل الحكومة  فهى الدول الناجحة الناشطة المبدعة.
والمواطن لا يبحث إلا عن الخدمة أو بأكثر دقة الخدمات الأساسية وتحديدًا فى السكن والعمل والغذاء والنقل والرعاية الصحية والتعليم ومياه الشرب والصرف الصحى؛ ولذلك فإن نجاح أى سياسة بالنسبة له أو نجاح أى حكم مرتهن بقدرته على تلبية احتياجاته الأساسية من الخدمات.
نجاح الحكومة فى معالجة الخلل فى عجز الموازنة العامة للدولة أو العجز فى الميزان التجارى أو ميزان المدفوعات ونجاحها فى تخفيض حجم الواردات وزيادة الصادرات كل ذلك لا يمثل للمواطن إلا أخبارا أو معلومات يسمعها من القائمين على الأمر أو المحللين ليتساءل: بعدها طب واحنا فين؟
سؤال المواطنين حق مشروع فهو ينتظر التحسن الذى سيطرأ على حياته من نجاح السياسات الحكومية، وهذا التحسن هو معيار الناس فى الحكم على أداء الحكومات وليس من حق الحكومة أن تغضب إذا ما طرح مواطن عليها السؤال الشرعى: «طب و احنا فين»؟
لماذا إذن غضب الرئيس كان مشروعًا؟ فى تقديرى أن السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى يعمل على الاستفادة من نجاح الإصلاح المالى والنقدى فى تحسين الخدمات الأساسية وتوفيرها للمواطنين؛ وهى خطوات فى الحقيقة طويلة وتستغرق وقتًا حتى يزداد أحجام المستفيدين ويتسع حجم الشعور بها  والرئيس يستهدف ذلك أكثر مما يستهدف إنفاق العوائد على الرواتب والأجور.
إذا رغبت الدولة فى طمأنة الناس وإشعارهم بعوائد سياسات الإصلاح فالأفضل أن تستثمر تلك العوائد فى توفير الخدمات وتحسينها بدلا من زيادة الرواتب، فالأولى لن تقابلها ارتفاعات فى الأسعار أما الثانية فدائرة التضخم «تنشلها» من جيب المواطن.