الإثنين 20 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
ثورة ؟

ثورة ؟






مرور سبع سنوات على حدث مهم مثل يناير 2011 لا يكفى للحكم على الملف كون الكثيرين ما زالوا صامتين حتى الآن خصوصا هؤلاء الذين يملكون المعلومات الوفيرة عما حصل ويرفضون لأسباب تتعلق بالأمن القومى إعلانها حتى الآن.
لكن العديد من المشاهد فى ميدان التحرير يوم الجمعة 28 يناير وما تلاها أو سبقها  من أحداث يمكن أن يكشف عن بعض الدلالات المهمة لما كان يتم التخطيط له بعيدا عن حالة الضيق الحقيقية التى كان الشعب يعانى منها جراء سوء سياسة توزيع عوائد عمليات التنمية.
حين كتبت فى 4 فبراير 2011 فى عمودى اليومى بجريدة الأهرام المسائى وقتها أن «ميدان التحرير يشهد مؤامرة حاك خيوطها الاستعمار الجديد ونفذتها فضائيات هابطة الأخلاق والقيم فاقدة للمعايير المهنية مثل الجزيرة والحرة»، كنت أقصد ما أعنيه وأترجم ما شهدته على مدار أيام.
على مدار يومين انتشرت فى شوارع وسط القاهرة أعداد من الصبية والشباب يتحركون فى مجموعات صغيرة من 10 إلى 15 شخصا يتنقلون بخفة وسرعة شديدة بين الشوارع الضيقة فى مربع وسط البلد يستفزون قوات الأمن المركزى ويستنزفون قواهم فى عمليات كر وفر منظمة ومرتبة يتحرك بعضهم ويختفى الآخر وهكذا حتى قرابة منتصف الليل بهدف إنهاك القوات وإرهاقها.
كان المشهد مثيرا ومن الصعب اعتباره عفويا أو توصيفه بالعشوائية، فالنظام والدقة التى كان يجرى بها الأمر لابد وأن تدفعك للتساؤل عن مُنظم هذه التحركات ومُوجه هذه المجموعات.
التواصل مع بعض المشاركين فى اعتصام ميدان التحرير دفع الكثير من الناس للتساؤل عن هذا الوجود العددى الضخم لكوادر الجماعة الإرهابية وتصديهم للصفوف الأولى وتقديم أنفسهم للمتواجدين فى الميدان متعاونين ومتوافقين على غير ما عرفنا الجماعة وأنصارها طوال عشرات السنين.
فى المقابل كان ما تبثه قناتا الجزيرة والحرة دليلا دامغا على توزيع أدوار بين مخططى المؤامرة لخطف احتجاج الشعب وانتفاضته وتحويلها لوجهة مختلفة هى بكل المعايير «مؤامرة» كما وصفتها آنذاك وما زلت أتمسك بهذا التوصيف الذى هاجمنى بسببه ربيب الإخوان وائل قنديل فى سلسلة مقالات قبل آن يهاجر بعد ثورة يونيو ليستقر على أفخاذ الإرهابيين فى لندن.
الروايات والقصص التى رواها المعتصمون فى التحرير من اتصالات عبر الإنترنت قبل 25 يناير مع شباب تونسى ومصريين مهاجرين من حملة الجنسية الأمريكية – والتى ظهرت رسميا للعلن بعد فترة – والتدخلات الأمريكية فى لحظة تتويج سياسة «الفوضى الخلاقة» كانت كلها علامات مهمة أيضا حول المؤامرة.
على قناة العربية عبر اتصال هاتفى بعد إعلان الرئيس الأسبق مبارك عن قرارات وإجراءات فتحت الباب لانتهاء الأزمة وممكنات فض اعتصام التحرير، قلت إن الحل الأمثل لمواجهة المؤامرة هو قبول المقترحات الرئاسية، فلا صحة لأحاديث الخلاف الأمريكى – الإخوانى وإنما تصور لإقامة دولة إسلامية تمتد من غزة حتى تونس لإعادة رسم خريطة المنطقة.
شواهد عديدة كثيرة كلها تؤكد أن ضجر الشعب وانفجاره كان حالة حقيقية انعكست فى شكل انتفاضة شعبية قوية لكنها لم تكن ثورة، بل التقطها المتأمرون واستغلوها لإظهار الأمر فى صورة ثورة، هى لم تتحقق فعلا إلا فى توقيت مختلف وبأساليب مختلفة ولها مقام أيضا مختلف.