الجمعة 31 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الصراحة راحة

الصراحة راحة






فى متابعتى لوقائع الانتخابات تذكرت النائب الراحل أحمد طه عام 1990 حينما قرر الترشح على رئاسة البرلمان فى مواجهة الدكتور فتحى سرور وكان متيقنًا أنه لن ينجح لكنه قال هدفى ترسيخ مبدأ التنافس والتعددية فى أى انتخابات تجرى بالبلاد.
لا شك أن حالة المشهد الانتخابى الرئاسى تعكس أزمة فراغ حزبى حقيقية تعيشها البلاد سوف تستمر اذا لم نضع فى الحسبان من الآن تصورات لسد هذا الفراغ.
نجاح الجماعات الإرهابية فى سد الفراغ الحزبى تحت مسميات سياسية وهمية بعد انتفاضة يناير وحتى ثورة 30 يونيو اكد ما كان يُقال أن الاحزاب مأزومة لاسباب ذاتية وقانونية وعامة.
غياب الاحزاب عن الساحة اكتفاءً بتقديم قوائم مرشحين فى الانتخابات البرلمانية الماضية لم ينجح فى تثبيت دعائم ونفوذ هذه الاحزاب بين الجماهير.. ففى انتخابات 2014 الرئاسية كان منطقيا ان تمتنع الاحزاب عن خوض المنافسة الانتخابية على خلفية توحد الامة خلف زعيم يقود المرحلة الانتقالية بوحدة وطنية عريضة.. الاحزاب المصرية لم تُفرق بين تأييدها قيادة الرئيس للأمة وبين مُمكنات الخلاف معه حول قضايا وذلك على خلفية الاتفاق العام لا يمنع من التباين فى بعض الرؤى.
اعلم شخصيا بعض الاحزاب تختلف مع الرئيس عبدالفتاح السيسى فى جانب من سياسته الاقتصادية الاجتماعية ورؤيته السياسية الداخلية، وكان ممكنا ان تبنى منافساتها الانتخابية على هذه الرؤى.
إعلان قرابة 14 حزبا رئيسيا تأييدهم لاعادة انتخاب الرئيس لولاية جديدة وضع الانتخابات الرئاسية فى حالة غير متوازنة والحياة الحزبية كلها فى مأزق بالغ.
فكرة الاحزاب تقوم على الثنائية والتعددية والاختلاف والتنافس، فكيف تنازلت الاحزاب عن هذه المبادىء المُؤسسة لها وتخلت عنها حين قررت تأييد إعادة انتخاب الرئيس.
قيادة حزبية قالت لى نُفكر فى شعار» نتفق عليك ونختلف معك «وقال القيادى السيسى تعبير عن الامة والوحيد القادر على القيادة فى هذه المرحلة الى جانب استكمال مشروعات كبرى بدأها فعلا لكن ذلك لا يمنع اختلافنا معه فى بعض الجوانب ونملك بدائل لها. لنكن صرحاء فى تساؤلنا ما الذى تسبب فى «تكتيف» الأحزاب وامتناعها بكامل ارادتها ودون أى ضغوط عن تقديم مرشح منافس فى الانتخابات؟ يقينا هناك اجابة أؤكد انها تحتاج الى صراحة.
فكرة منافسة الرئيس ليست بهدف الفوز عليه فهذا مستحيل لاسباب تتعلق بشعبية يعلمها القاصى والدانى إنما هى مسألة تكريس أسلوب حياة يجب أن تترسخ فى ثقافتنا السياسية.
فى المقابل ما هو تصور الدولة لدور الاحزاب؟ وما هى رؤيتها للاطار السياسى للبلاد؟ وما هى المحددات لممارسة الاحزاب فى دور صناعة القرار وتمتين علاقة الناس بالنظام السياسى للدولة فى مواجهة الجماعات المناهضة لها وكيف نساعد الاحزاب على تجاوز كبوتها؟
الاسئلة مشروعة فالمسئولية مشتركة بين الجانبين ولا تستطيع إلقاء اللوم على طرف واحد ويبدو ان احزابنا تعمل بقاعدة أبيض وأسود رغم أن بالسياسة الوانًا لا حصر لها.
كما يبدو ان دولتنا استكانت وارتاحت لوجود 18 حزبًا بالبرلمان واعتبرت ذلك دليل حيوية حزبية فى البلاد وهذا ليس صحيحا فالحيوية هى قدرات وممكنات تقديم رموز جديدة فى المجتمع.
لا يمكن ترك البلاد لمجموعات سياسية مراهقة بالغة المحدودية والتأثير تتحكم فى واقعنا السياسى و«تشوشر» بالباطل على نجاحات كبيرة تتحقق فهل سنبدأ ام سننتظر حتى الانتخابات المقبلة؟