الثلاثاء 5 أغسطس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
تبريد الأموال الساخنة فى البنك المركزى

تبريد الأموال الساخنة فى البنك المركزى






تزايدت مخاوف المتابعين للشأن الاقتصادى مؤخرًا نتيجة تلقى البلاد استثمارات أجنبية ضخمة فى الأوراق المالية (أذون الخزانة).. وما يدعو للقلق من هذه الاستثمارات هو أنها عبارة عن أموال ساخنة، سريعة التحرك خروجًا ودخولًا إلى ومن الأسواق المختلفة، فلا يهم الصناديق أو المؤسسات التى  تضخ تلك الاستثمارات سوى الربح.. الربح فقط.
وبعد أن كانت استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة المصرية تنحصر فى مئات الملايين من الدولارات فقط قبل تحرير سعر الصرف قفزت بشكل كبير ومتسارع لتتجاوز 20 مليار دولار فى الوقت الراهن (بحسب أحدث البيانات المتاحة من البنك المركزى ووزارة المالية).
ومع كل مليار دولار زيادة فى هذه الاستثمارات تتصاعد الانتقادات ضد البنك المركزى ووزارة المالية من جانب البعض من منطلق أن هذه الأموال يمكن أن تتسبب فى أزمة وتراجع كبير فى الاحتياطى إذا ما اختار المستثمرون الخروج من السوق لأى سبب من الأسباب، لكن مثل هذه الانتقادات يمكن القول :إنها ناتجة عن عدم إدراك للمستجدات لدى البنك المركزى فيما يتعلق بإدارة هذه الأموال.. فالمسألة لم تعد كمان كانت فى السابق.. ويبدو أن «المركزى» قد تعلّم جيدًا من دروس الماضى.
وبشكل أوضح فقد فضّل البنك المركزى ألا يضيف كل قيمة استثمارات الأجانب فى أذون الخزانة إلى أرصدة الاحتياطى النقدى للبلاد.. بل إن ما يتم إدراجه من هذه الأموال فى أرصدة الاحتياطى لا يتجاوز 20% من قيمتها، بينما يُجنّب الجزء الأكبر منها فى حسابات خاصة كوادئع غير مدرجة فى الاحتياطى، وتتم الاستفادة بجزء من هذه الودائع لمواجهة الالتزامات السريعة أو الاستثمار فى أدوات سريعة العائد أيضًا، وهو الأمر الذى يضمن تحقيق استفادة من هذه الأموال، وعدم التضرر بشكل مؤثر فى حالة خروجها.
الاحتياطى النقدى للبلاد ارتفع ليتجاوز 37 مليار دولار من مصادر متنوعة من بينها تحويلات المصريين فى الخارج التى قفزت إلى 24 مليار دولار، والسياحة التى زادت عوائدها ومن المنتظر أن ترتفع بشكل أكبر خلال الشهور المقبلة.. عوائد قناة السويس.. زيادة الاستثمار الأجنبى المباشر الذى سجل نحو 8 مليارات دولار، وكذلك التمويلات الخارجية من المؤسسات الدولية.. كما كان لتراجع عجز الميزان التجارى تأثيره أيضًا على رقم الاحتياطى النقدى.. وبالاضافة إلى الاحتياطى النقدى للبلاد فقد أصبح لدى البنوك حاليًا احتياطيا من العملات الأجنبية يتجاوز 10 مليارات دولار.
إذن فالاستثمار الأجنبى غير المباشر (فى أذون الخزانة) ليس هو السبب الرئيسى فى ارتفاع الاحتياطى النقدى كما يعتقد البعض، وإن كان يعزز من قدرة البنك المركزى على زيادة الاحتياطى دون وجود ضغوط، حيث يتم استغلال هذه الاستثمارات بكفاءة لمواجهة الاحتياجات الضرورية والعاجلة، إلا أنه ليس سببًا أساسيًا ولا رافدًا مهما لنمو الاحتياطى النقدى، ومن ثم فلن يكون مؤثرًا بالدرجة المقلقة فى حالة الخروج.