الثلاثاء 15 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
المتغطى بالخارج عريان

المتغطى بالخارج عريان






فى العام 1990 دخل حزب الوفد فى أزمة سياسية مع الدولة فقرر الباشا فؤاد سراج الدين «رحمه الله» مقاطعة الانتخابات معتبرا ذلك وسيلة ضغط ملائمة لتحقيق المنشود  فقد كان يحتل نحو 40 مقعدا بالبرلمان وقتها.
بعد الانتخابات بعام عقد الباشا اجتماعا للهيئة العليا للحزب معلنا فيه أنه لا عودة لأسلوب مقاطعة الانتخابات تحت أى ظرف ومهما كانت الأسباب.
وفى لقاء مع د. السيد البدوى وقت أن كان سكرتيرا عاما مساعدا للحزب قال لى إن الباشا كان حاسما صارما فى هذا الأمر بسبب الخسائر التى تعرض لها الوفد جراء مقاطعته للانتخابات.
الوفد عند عودته  للحياة السياسية تصدر المعارضة فى برلمان 1984 وعاد فى الانتخابات التالية بعد ثلاث سنوات متخلصا من تحالفه مع جماعة الإخوان ومحتلا المركز الثانى فى المعارضة بعدد مقاعد أكبر مما كان عليه قبل ذلك.
لماذا قرر الباشا إقصاء مصطلح المقاطعة من أدبيات حزب الوفد؟ السبب بسيط جدا وهو أن المحك الحقيقى مع الناس يتم فى الانتخابات والتواصل مع الناس وشرح الأفكار السياسية للحزب تتم فى الانتخابات وتعميق الصلة بالجماهير وتوسيع دوائر الحزب واجتذاب المزيد من الأنصار تتم من خلال الانتخابات لذلك تصاعد دور الوفد فى الحياة السياسية بمشاركته فى الانتخابات وتراجع و انهار حين قرر مقاطعتها.
قال لى وقتها الراحل ياسين سراج الدين بعد عودة الوفد للبرلمان عام 1995 « رغم قلة عدد نوابنا – 7 نواب – إٍلا أن ده أكثر بركة من غيابنا عن قاعة المجلس فنحن الآن على تواصل دائم مع الناس ونتفاعل مع مشاكلهم ونستمع لهم وهم يروننا فى البرلمان ننقل مشاكلهم وهمومهم».
فى عام 2014 وقبل انتخابات مجلس النواب الحالى كنت فى لقاء مع صديق قيادى مهم فى الحزب الديمقراطى الاجتماعى نتناقش فى الموقف من الانتخابات المقبلة وقال لى :«مقاطعة إيه؟ احنا كان عندنا مجموعة نواب نستخدمهم فى تحقيق التواصل مع الناخبين ليس فقط فى دوائرهم وإنما فى دوائر أخرى أيضا لدعم كوادرنا الذين لم ينجحوا فى الانتخابات وذلك بهدف تأهيلهم للانتخابات المقبلة».
الانتخابات مدرسة الأحزاب لتربية كوادرها وقياداتها ورموزها، والغياب عنها ومقاطعتها أشبه بالأب الذى يمتنع عن إرسال ابنه للمدرسة ثم يتساءل لماذا هو أقل من أقرانه المتعلمين.
سيتعاقب الزمن وسيعود فريق من المقاطعين للمشاركة فى الانتخابات وسينسى الناخبون المقاطعة وسيتذكرون من تواصل معهم طوال هذه السنوات وتفاعل مع همومهم وطرح آراءٍهم على الرأى العام.
المقاطعة خطأ جوهرى أما دمجها فى خيوط سياسات دولية فهى خطيئة، خصوصا لو كانت المقاطعة فى غير مكانها وكانت أسبابها مرتبطة بالفشل الذاتى للجماعات السياسية الداعية للمقاطعة وعدم امتلاكها قدرات ذاتية تتيح لها المشاركة والمنافسة.
منذ عام ونصف  العام تقريبا وكل التقديرات والشواهد تقولإ هذه الجماعات التى حاصرت نفسها فى حدود معينة واقتصرت على العمل الاحتجاجى لن تشارك فى الانتخابات الرئاسية وإنما ستدخل فى مواجهات واصطناع مشكلات لتدرء عن نفسها فضيحة عزلتها عن الناس وستعمل على تعويض فشلها الداخلى بالاستعانة بالخارج الجاهز لتلقف أى ادعاءات وتحويلها إلى أزمات.
ما يحدث ليس مقاطعة انتخابات وإنما استدعاء للخارج والمتغطى بالخارج عريان.