الثلاثاء 15 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
أحزاب الدولة والاختلاف

أحزاب الدولة والاختلاف






الحكومة المصرية ليست طرفا فى مواجهة مع الأحزاب المصرية، والأحزاب ليست فى صراع سياسى مع الحكومة إنما الطرفان يشكلان معا جزءًا من مؤسسات الدولة فى إطار دستورى وقانونى.
لذلك دُهشت من دعوات للقاء بين قادة ورؤساء الأحزاب الرئيسية للتحاور حول مستقبل المشهد السياسى ودور الأحزاب فى المرحلة المقبلة ومن بينها الأحاديث حول مبادرة للتوحد والاندماج.
الطبيعى أن تجتمع الأحزاب لتصدر بيانًا مشتركًا بخصوص تأييدها ترشيح السيد الرئيس عبدالفتاح السيسى لولاية رئاسية ثانية تكذيبا لما يروجه بعض أعلام الغرب والإرهاب معا، وهو ما طالبت به فى مقال «حوار تطوير الأحزاب» فى 30 يناير الماضى.
وطبيعى أيضًا أن يبحث قادة هذه الأحزاب حشد الناخبين للانتخابات الرئاسية والاتفاق على إجراءات عملية تتعلق بأساليب الحشد وكيفية التنسيق لإنجاح هذه الحملة السياسية الدعائية والتعبوية.
لكن ليس من الطبيعى أن تناقش الأحزاب وحدها مستقبل المشهد السياسى وكيفية تفعيل وتطوير دورها فى المرحلة المقبلة والأدوات والأساليب المطلوبة لتحقيق ذلك.
الحوار المطلوب هو حوار مشترك بين كل الأطراف وليس طرفًا دون الآخر، ومن الخطأ أن تضع كل طرف فى دائرة حوار ليلتقى الطرفان بعدها فى حوار مباشر بينهما ربما ينتهى إلى مساحات خلافية مزعجة.
فى اعتقادى أن جلوس كل الأطراف معا على مائدة حوار مشترك  تمثل مؤشرًا قويًا ومطلوب عن رغبة الدولة فى تطوير الحياة الحزبية فى البلاد وتتيح إمكانات أوسع للتوافق خصوصا إذا كانت القضايا المطلوب طرحها للنقاش تتضمن وجهات نظر قابلة للاختلاف حول بعضها.
اعتقادى أن البيئة الحالية لا تتيح تطوير الحياة السياسية وضخ دماء جديدة فى شرايينها سواء باكتشاف وتقديم كوادر جديدة أو بتفعيل دورها الشعبى وتعميقه بين الناخبين لتسمح لها بلعب دور مختلف ستظهر احتياجاته فى المستقبل القريب.
البيئة السياسية المصرية تعانى من مشكلات عويصة بسبب النظام الانتخابى القائم، ولعدم تناسب القانون المنظم للأحزاب مع التطورات التى شهدتها البلاد والتحديات السياسية التى تواجهها، ولغياب تناسب فى توازنات القوى بين التوجهات السياسية المختلفة.
محاربة الإرهاب مثلاً تحتاج إلى دور شعبى مهم من الأحزاب، مواجهة الفساد تحتاج إلى دور رقابى مهم من الأحزاب إلى جانب بقية مؤسسات الدولة، التنمية الاقتصادية تزداد نجاحا بتكريس الديمقراطية وتوسيع قنواتها فى اتجاهات مختلفة .
البعض يلجأ للتجربة الصينية فى التنمية فى ظل حزب شيوعى واحد تبريرا لنفى الصلة بين التنمية وبين الحزبية، والبعض ينظر لنموذج ثنائية التركيبة الديمقراطية فى أمريكا كأساس للنجاح، وفى الواقع فلكل تجربة خصوصيتها وأنت لا تستطيع النقل أو التكرار، إنما تستطيع الإبداع فى إطار واقعك واحتياجاتك.
الأحزاب تتنافس فيما بينها فى إطار الدولة أى وفقا للدستور والقانون العام وليس وفقا لضغوطات، لذلك الأحزاب جزء من الدولة تلتزم بمرجعيتها وتتحاور والمؤسسات باعتبارهما طرفا واحدا على قاعدة الاختلاف.
مشكلة أحزابنا لا ترتبط بضخامة أعدادها  ولا بالتنوع وحديث الاندماج والتوحد بينها  لن يقدم أو يؤخر وسنعود بعد أربعة أعوام لنواجه ذات الموقف ولكن وقتها ستكون الأمور مختلفة.