
حازم منير
أحزاب نعم.. جماعات لا
الرئيس الأسبق الراحل أنور السادات حين أعلن عام 1976 عن إنشاء المنابر داخل الاتحاد الاشتراكى فوجئ بعشرات التشكيلات التى كانت تنوى أن تتحول إلى أحزاب مع نضج التجربة لكنه اكتفى ببقاء ثلاثة منها لتنتظم كأحزاب وقال إنها كفيلة بالتعبير عن مجمل الآراء فى المجتمع.
لم تستمر الفترة الثلاثية طويلًا إذ سرعان ما أعلن حزب الوفد إعادة تأسيسه وممارسة النشاط , ثم جاء تاليا له حزب العمل الاشتراكى ممثلًا لتوجه سياسى خامس وهكذا لم تستمر فترة الأحزاب الثلاثية سوى سنوات قليلة وبدأت مسيرة الحياة الحزبية العديدة .
تصور السادات أن السماح بالعمل السياسى فوق الأرض سيلغى ظاهرة العمل السرى للجماعات والحركات غير الشرعية لكنها استمرت بل تكاثرت وازدادت تنوعًا لأسباب تتعلق بإصرار هذه الجماعات على العمل غير القانونى فى إطار تحضيرها لإسقاط الحكم و الحلول بديلا عنه.
الأصل فى العمل الحزبى هو انضواء كل القوى المجتمعية فى إطار أحزاب تعمل فى ظل القانون وتخضع لنصوصه ولا تخرج عنه وتتنافس فيما بينها فى إطار القانون وليس خارجه بهدف تداول الحكم دون المساس بكيان الدولة.
ولذلك ينظم العمل الحزبى قانونًا يحدد كيفية نشأة الأحزاب والمبادئ العامة التى تحكمها ووسائل خضوعها للقانون العام ولمؤسسات الدولة الرقابية وخلافه من الإجراءات والتفاصيل.
فى التغطيات الإعلامية والأحاديث السياسية نقول الأحزاب والقوى السياسية وهى توصيفات غريبة فعلًا، فالأحزاب هى تلك التجمعات التى تخضع للقانون وتحمل ترخيصًا بالنشاط ولكن ما هى القوى السياسية على سبيل التحديد ولأى قانون تخضع.
حريات التنظيم والرأى والتعبير فى أى مكان بالعالم يتم انتظامها فى مؤسسات وهيئات قانونية، سواء كانت أحزابًا سياسية أو جمعيات أهلية غير حكومية أو نقابات للدفاع عن حقوق فئات محددة، وكل وسيلة من هذه الوسائل ينظمها القانون ولا يجوز أن تمارس نشاطًا بغير الترخيص القانونى.
السؤال هنا أين القوى السياسية والجماعات السياسية أو خلافه من القانون؟ بالقطع هى لا تخضع لأى قانون ولا يجوز محاسبتها وهى لا تعترف أصلًا بالنظام القائم لا بقوانينه.
تتذكرون بالقطع دعوات التظاهر لإسقاط قانون التظاهر وهى دعوات من تلك الجماعات التى تُعبر بشكل دقيق عن محاولات حثيثة لترسيخ منطق الفوضى وعدم احترام القانون.
جماعة الإخوان الإرهابية واحدة من تلك الأشكال التى ظلت ترفض العمل فى إطار القانون فلم يعرف أحد حقيقة نشاطها ولا تمويلها وأموالها ولا عضويتها لتحافظ على تنظيمها السرى والقائمين عليه حتى بعد يناير حين طالبنا بإدراجها تحت قانون الجمعيات ظلت تماطل حتى تقدمت بأوراق وهمية لأن قادة الجماعة يعرفون جيدًا معنى أن تندرج تحت القانون.
نحن إذن أمام واقع يقول بضرورة التوافق السياسى أولًا بين الأحزاب على استبعاد فكرة التواصل والتعامل مع مسميات غير قانونية جماعات أو حركات وغيره ثم بالتوافق والتفاهم القانونى على إعادة صياغة قانون الأحزاب لمحاصرة تلك الظاهرة.
الجماعات لو كانت سياسية هناك قانون الأحزاب ولو مجتمعية هناك قانون الجمعيات ولو فئوية هناك قانون النقابات غير ذلك لا يجب أن يتساهل القانون مع أى تجاوز.