
حازم منير
لماذا المشاركة؟
البعض يعيش حالة «عبث» حقيقية، ويتعامل مع الأحداث المحيطة بلا مبالاة واستهتار بالغير، والبعض الآخر يتعمد أن يُرسل بالمجتمع إلى هذا الطريق المريض فيقطع على الوطن مستقبله و يدك كل حصون الانجازات والنجاحات التى تتحقق.
فى منظومة الدول، المواطن هو العنصر الأضعف دائما، فهو يتلقى القرارات من الحكومة والتشريعات من البرلمان والرؤى السياسية والمواقف من الأحزاب، ويعمل كل طرف على دعوته واجتذابه إلى صفوفه ومناصرته تجاه الآخرين فى إطار المنافسة على الأغلبية.
اللحظة الوحيدة التى يمتلك فيها المواطن قوته ويتحول إلى المارد المتصدر للمشهد وتجرى كل الأطراف خلفه لتكسب وده ومساندته ودعمه هى لحظة الانتخابات التى يختار فيها الناخب من يمثله ويقرر أى اتجاه يجب أن يسود وأى سياسة يقبل بها.
فكرة الانتخابات كلها من أول التشريعات ذات الصلة والقرارات الإدارية المنظمة للإجراءات، والهيئات المعنية بالإشراف عليها، والمنافسات الانتخابية والحملات الدعائية ومقار الاقتراع وفرق المراقبة وجماعات القضاء المشرفة والطعون فى المحاكم وتأمين المقار، كل هذه الحالة التى تتكلف مئات الملايين وربما تصل للمليارات من الجنيهات تم ابتداعها حتى يمارس المواطن الغلبان الضعيف حقه مرة كل أربع أو خمس سنوات بإرادة حرة ومستقلة ويختار ما يشاء ومن يريد.
أظن أنه من الخبل أن تطالب مواطنًا بحرمان نفسه من اللحظة التى يقرر فيها بنفسه ماذا يريد ويفرض على الحكومة والبرلمان والأحزاب ما يجب أن يحدث بإرادته الكاملة ومن دون ضغوط أو تزييف.
هو العبث أن تطلب من مواطن عدم المشاركة فى الانتخابات وتحرمه من كل هذه الميزات وتمنعه من ممارسة حق أصيل تقوم عليه فكرة الانتخاب والاختيار.
المشاركة أساس للمجتمع ، وأنت حين تدعو الناس للمشاركة فى الانتخابات وتطالبهم بالتوجه لصناديق الاقتراع فإنك تخبرهم وبوضوح أنهم يشاركون فى عملية التنمية وحماية مستقبلهم، فالاختيار سيحدد من سيقود البلاد ويضع السياسات الاقتصادية المدعومة من الناس.
المشاركة فى الانتخابات دعوة لممارسة كل مواطن دوره فى استكمال بناء مؤسسات الدولة الديمقراطية وتدعيم للدولة الوطنية وحمايتها من المخاطر التى تتهددها.
المشاركة فى الانتخابات والتدفق على مراكز الاقتراع رسالة من المصريين إلى قوى الإرهاب وأنصارهم وأبناء مدرسة الفوضى برفض الشعب دعواتهم وتوجهاتهم ونبذ العنف والإصرار على مواجهة الإرهاب ومحاولات إسقاط الدولة الوطنية.
المشاركة فى الانتخابات بكثافة رسالة إلى العالم كله بتمسك الشعب بالبناء الديمقراطى للدولة و بالوسائل الديمقراطية وسيلة للتعبير وبناء الدولة وصناعة المستقبل، وتأكيد على استمرار مسيرة التنمية ورفض العنف والإرهاب.
المشاركة فى الانتخابات وتوجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع رسالة لكل من حاول التشكيك فى هذا الشعب أنه يلتف حول قيادته السياسية بإرادته ويدعمها فى كل تحركاتها الخارجية والداخلية.
لا مجال للحديث عن مقاطعة الانتخابات أو الرد على مرددى الدعوة السلبية المضحكة فى عصر تقوم فيه الحياة على فكرة المشاركة الإيجابية والاشتباك مع الواقع لصُنع المستقبل.
المشاركة تعنى أننا مستمرون كشعب فى صناعة التاريخ.