الثلاثاء 30 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
عارف يعنى إيه قيمة الأمن

عارف يعنى إيه قيمة الأمن






البلد مشغولة بانتخابات الرئاسة.. وبالحرب على الإرهاب.. وهما عنصران لمعنى الحياة.. الإرهاب يعنى الخطر يهدد ليس البلد بل حياة الفرد.. ويظهر أن بيننا من لا يعلم قيمة الأمن والأمان.. وأعتقد أننا عشنا تجربة لم نرها أو نسمع أو نقرأ عنها منذ عشرات السنين.. تلك التجربة حدثت منذ يناير ٢٠١١ وحتى ثورة يونيو ٢٠١٣.. للتذكرة لم يكن أحد فى البلد يشعر بالأمن، بعد سيطرة البلطجية على الشارع.. والموت يحيط بِنَا من كل جانب أقسام الشرطة والمفترض أنها الملاذ اتحرقت.. ووزارات البلد مغلقة.. وسائق التوكتوك والميكروباس لهما الكلمة العليا على الشارع.. عشنا أيام سوداء.
ولسكنى أمام الاتحادية بمصر الجديدة وبعد غلق شارع الأهرام شمال قصر الاتحادية أصبح شارع المماليك هو المفتوح أمام السيارات والمظاهرات.. كنت أنتظر الموت من خرطوش طائش أو رصاصة محكمة الهدف أو أى طريقة للموت كما حدث.. وكان العلاج فى هذا الوقت هو الدعاء لله.. وطلب السلامة منه كنت أذهب لعملى يوميًا فى شارع قصر العينى وبعد رفع الطوارئ مباشرة، وقبل استيقاظ أصحاب القتل من تيارات إسلامية أو بلطجية أو غيرهما.. كانت «روزاليوسف» فى شارع قصر العينى استراحة إجبارية لكل الفصائل السياسية.. بمعنى هى فى منتصف الطريق الذاهب للتحرير يعنى كل من يمر عليها من مظاهرات يقف أمامها، ويقذفها ما بين جمل لهجوم عنيف مرورًا بالحجارة، ووصل الأمر أن بعض المتظاهرين أرادوا حرقها.. ويقظة العاملين بالمؤسسة من أفراد أمن أو موظفين وعمال وصحفيين.. هؤلاء أبطلوا وأحمدوا وأفشلوا كل محاولات التخريب المتنوعة من داخلها أو خارجها.
أمام الاتحادية .. كل أنواع العنف.. وكل أنواع الموت.. كرنفال موت
فى المساء تهديدات متنوعة
وإطلاق رصاص وسيارات إسعاف تحمل أسلحة.. وناس مندسة.. وناس محترمة جمعها الخوف، فاحتمت ببعضها مسلم بجوارى مسيحيين.. لم نلتفت لديانته ولا تصنيف وظيفة.. جمعنا الخوف فى بلد لم تعرف من قبل كلمة الخوف.. أو على الأقل أننا لم تعش هذا الموقف.. ولم أقرأ عنه ولم أعلم كيف انصرف أمام الاتحادية والشوارع المحيطة بها، ومن الطريق العودة من «روزاليوسف» إلى منزلى كل مشاهد أفلام العنف شفتها.. وعشتها.. بالطبع الخوف كاد أن يقتلنى.. أثناء عودتى من عملى إليّ ميدان السيدة ثم شارع السد.. وبعد محل الجحش بـ٣٠ مترًا.. خناقة بالسيوف والطوب أمامى بـ٥ أمتار.. يانهار اسود وأنا داخل السيارة منت أتحدث لنفسى.. أعمل ايه.. هو مين هيموت مين.. وطريقة الموت صعبة ثم أهلى لو عرفوا أنى هموت بالموتة دى.. رد فعلهم إيه.. وجدت ولد صغير عمره مايزدش عن ١٣سنة تقريبًا.. وشايل سيف يقترب من طوله وأقف أمام السيارة.. قال لى افتح الشنطة.. ولمحت من عينه إنه عاوز المحفظة.. قلت لنفسى ياعم واو عاوز العربية.. هقوله.. دى بتاعتك وحقك لأنك الحكومة ومالك الشارع بما فيه.. رحت مطلع خمسين جنيه اللى وقعت فى أيدى.. وأعطيتها له.. خذها.. وجدته يرفع صوته.. اتفضل ياباشا عدى.. اتفضل.. أنقذنى البلطجى الطفل من أن أكون ضحية حرب بين مجموعتين مسلحتين بالسنج والسيوف من أجل النفوذ والسيطرة على المعابر أو المنافذ.. ناهيك عما حدث لى شخصيا فى الطريق.
وسوف أسحلها من ذاكرتى..
ناهيك عن بداية نوع جديد من الجريمة وهى سرقة السيارات.. ولأول مرة أتعرف عمليًا على طريقة الموت من الزحام.. والإمكان السؤال مع نفسى: مافائدة الفلوس والسيارات ومظاهر الغنى وانت مش عارف تنزل من بيتك، ومع كل خبطة من طارق تنتظر معها الموت.. أو حرق الشقة بمن فيها..
أنا أعلم يعنى إيه قيمة الأمن.. وعلشان مدة الأمن بالنسبة لى يتقدم عن ما عداه
هنزل انتخب من وفره لى وأسرتى.. لدى المبررات وشفت بعينى.
للحديث بقية