
حازم منير
نُخبة ونُخبة
من المرات النادرة فى حياتك أن تتواجد فى المكان والزمان المناسبين، وأن تشهد الإعلان عن مُنتج وطنى فريد الطراز أول من نوعه سيُلحق البلاد بعصر التقدم والتكنولوجيا.
هناك فى الأقصر حيث اللقاء الثالث لعلماء مصر بالخارج كان الدرس أن «مصر تستطيع» فعلا وليس قولا، وأنها قادرة بأبنائها على اقتحام الصعاب لو أرادت ذلك.
حين ترقرقت أعين الدكتور محمد محمود إبراهيم وهو يرفع بيديه أمام الحضور أول لوحة إلكترونية لأول حاسب آلى تصميم مصرى من صناعة بنها للإلكترونيات كان تعبيرا عن مشاعر لرجل مصرى قضى سنوات طويلة من عمره بالخارج حتى امتلك وغيره علما أفاد به بلاده فى لحظة تاريخية.
اللوحة مخصصة لاستخدامات القمر الصناعى الذى تعتزم مصر إطلاقه للاستشعار عن بعد، وهى ملكية فكرية خالصة لمصر ستتيح متغيرات مهمة جدا فى اقتصادنا وستسمح لنا بإنشاء شركة مصرية لتصميم وتصنيع الحاسبات، وستوفر لنا نصيبًا فى السوق العالمى يُدر عوائد ربحية.
أقمار الاستشعار عن بعد والجارى العمل فيها إلى جانب تأسيس وكالة الفضاء الوطنية سيسمح بدخولنا لعصر مختلف يتيح لنا دراسة ورصد موارد للمياه والطاقة البديلة وتوقع تأثيرات التغيرات المناخية على الزراعة والقدرة على تلافى آثارها السلبية.. نحن نتحدث عن لحظة تاريخية بحق أعلن عنها أبناء النيل فى مؤتمر مصر تستطيع، وهو حدث له دلالاته أيضا ومن أهمها أن الإدارة الرشيدة قادرة على صناعة الأحلام.
أبناء مصر بالخارج منذ حقب وعهود طويلة انقطعت صلة الوطن بهم، وذهبوا لوطن المهجر ولم يدعوهم أحد للنظر للخلف حيث الوطن الأم يحتاج علمهم وخبراتهم فى الأزمة العاتية التى نعيشها.
هنا نذكر السفيرة الهمامة النشيطة منى مكرم وزيرة الهجرة وشئون المصريين بالخارج التى أثبتت أنها تمتلك رؤية عميقة للملف عبرت عنه بإيجاز بالغ فى الجلسة الافتتاحية بالمؤتمر ولتؤكد أن بالحكومة نماذج مضيئة يمكن الاعتماد عليها فى تحقيق جانب من أحلام الوطن.
المؤتمر والذى أعتقد أنه تجمع شعبى لأبناء مصر أكثر منه مؤتمرًا رسميًا وضع تصورات وقدم أفكارا مهمة فعلًا فى ملفات الرى والمياه والزراعة والطاقة، وطرح أدوات ووسائل علمية حديثة تتيح لنا عمليات بحث وتقصى وإنتاج بدائل عبر التكنولوجيا الحديثة.
ربما هى المرة الأولى التى أشارك فيها فى مؤتمر أو تجمع يجمع بين الرسمى والشعبى، والحقيقة أن ما دار من مناقشات فى الجانب الأغلب منه حقق الهدف الذهبى بزرع جسر التواصل بين الداخل والخارج وإمكانيات الاستفادة من خبرات وعلوم مصريى الخارج.
سألت وعلمت أن كل الأفكار والتصورات والاقتراحات المطروحة فى جلسات المؤتمر تتحول تلقائيًا إلى جهات معنية تدرسها بعناية وتراجعها لتنتقى منها المطلوب.
وحتى تكتمل الصورة فاجأ السيد محمد بدر محافظ الأقصر الحضور باستجابة فورية لتخصيص قطعة أرض لخدمة مشروعات ومقترحات علماء مصر، وحين سألت المحافظ هل ستُخصص الأرض العام المقبل؟ ابتسم وقال: لقد أرسلت الأمر فعلًا وهو فى طريقه للتنفيذ.
ما شاهدته فى الأقصر جانبا من النُخبة المصرية، نُخبة العلماء، وتذكرت نُخبة أخرى معاها ربنا بقى.