
احمد زغلول
متى نتوقف عن الاقتراض من الخارج؟
تمكن الاقتصاد المصرى، خلال فترة تقترب من العام ونصف العام – لا سيما بعد تحرير سعر الصرف - من استعادة دفة تدفقات النقد الأجنبى بعد أن كانت قد انفلتت منه بشكل مُقلق فى سنوات ماضية نتيجة انكماش إيرادات العملة الصعبة من كافة القطاعات وقتها .. لكن ومع السيطرة على زمام الأمور كان التوقع أن تبدأ الدولة تدريجيًا تقليل الاعتماد على الاستدانة الخارجية فى تدبير العملة الأجنبية.. إلا أن ما تقوم به الحكومة حاليًا يعكس إلى حد كبير أن هذا الاتجاه لم يبدأ بعد.
وقد نجحنا فى الفترة الماضية، فى تقليص عجز الميزان التجارى بزيادة الصادرات (ولو نسبيًا) وتقليص الواردات، كما عززنا من الاستثمارات الأجنبية الواردة للسوق والتى بلغت 8 مليارات دولار (استثمارات مباشرة) ونحو 20 مليار دولار استثمارات فى الأوراق المالية.. كذلك ارتفعت تحويلات المصريين من الخارج لتصل إلى 24 مليار دولار خلال عام.. تمكنا أيضًا من إعادة الحركة السياحية بعد أزمة الطائرة الروسية، بل إن التوقعات تشير إلى أن القادم أفضل فيما يتعلق بإيرادات القطاع السياحى خاصة مع انطلاق الرحلات الروسية فى 12 إبريل المقبل.
ورغم التحسن المتواصل فى كافة المؤشرات.. إلا أن الاتجاه للاقتراض من الخارج لم يتغير.. فتُعلن وزارة المالية، الأسبوع الماضى، أنها بصدد طرح سندات جديدة باليورو واختارت، فى سبيل ذلك، 4 بنوك دولية للقيام بمهام إدارة وترويج الإصدار.. يأتى ذلك بعد طرح سندات دولارية بقيمة 4 مليارات دولار نهاية فبراير الماضى.. فى الوقت نفسه تلقت البلاد مليار دولار من البنك الدولى كشريحة أخيرة من قرض تنموى.
الاقتراض من الخارج رغم أنه كان ضرورة ملحة فى أعقاب تحرير سعر الصرف، حيث كان السوق يعانى بشدة نتيجة شح النقد الأجنبى فى الجهاز المصرفى، إلا أنه الآن يفتح باب التساؤل.. متى ستبدأ الحكومة تقليص الاستدانة الخارجية لا سيما أن حجم الدين الخارجى قد تجاوز الـ80 مليار دولار وأصبح يمثل نحو 40% من الناتج المحلى الإجمالى؟.
نعم إن حجم الدين الخارجى فى الوقت الراهن فى الحدود الآمنة والدولة ملتزمة بسداد جميع المستحقات الخارجية دون تأخير.. لكن زيادة الدين بشكل كبير فى الفترة الأخيرة والاستمرار فى الاقتراض وطرح السندات الخارجية، دون الإعلان عن خطة متكاملة للتعامل مع الدين.. وكذا النقطة التى ستبدأ عندها الحكومة التوقف أو الحد من الاستدانة الخارجية، أمر يفتح الباب ليتسرب القلق.