الجمعة 23 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الثورة «مستقرة»

الثورة «مستقرة»






 «كذب المقاطعون ولو صدفوا».. هكذا ردت الجموع الزاحفة نحو صناديق الوطن، هكذا كان المقاطعون ينتظرون سماع الرقم المعلن لأعداد المشاركين، فى الحقيقة كانوا ينتظرون سماع أحكام الوطن عليهم وهم يعلمون أنها أحكام نهائية لا استئناف فيها، هم كانوا ينتظرون الحكم على ثورة ٣٠ يونيو أملا فى أن تكون قد تعرضت لهزة شعبية تمنحهم فرصة العودة لممارسة ألاعيبهم السياسية التى يتكسبون منها شهرة وأموالا وبطولات زائفة، لا يبالون هنا أن الثغرات فى جسم الثورة ستسمح بمرور فلول من الإخوان، ولم لا وقد اعتادوا التوحد مع التنظيم واستمتعوا بامتطائه لهم.
هم كانوا فى انتظار اهتزاز الثورة لتتساوى الرءوس على مساحة الفشل المشتركة بعدما عانوا من موجات المعايرة الثورية التى طالتهم بعد أن تَرَكُوا الوطن عام ٢٠١١ ينزف على قارعة الطريق ليتداعى عليه مجرمو الأوطان من التنظيم الدولى العصابى، هم فى الحقيقة كانوا يدعون لمقاطعة ثورة ٣٠ يونيو، لكن أصحاب الثورة هم الفائزون.
 ما بين إخوانى وعاطل ومتحرش انطلقت دعوات المقاطعة، وهى فى حقيقتها تعبر إما عن حالة جهل سياسى بفرض حسن النية، أو تعبر عن حالة تربص مستمرة بالوطن الذى أرادت أطراف المقاطعة أن يخرج المشهد الانتخابى هزيلا فيأتى برئيس محمول على قاعدة شعبية رخوة لا يستطيع تثبيت أقدامه عليها فتهتز مواقفه، وبالتالى تهتز الدولة، فتعود لهم أدوارهم المحددة سلفا والتى لا يمكنهم ممارستها إلا فى وجود دولة ضعيفة، أو احتمال ثالث وهو أن تلك الأطراف ما هم إلا حاملو أسفار المقاطعة لصالح التنظيم الإخوانى الباحث عن أى ثغرة للعودة إلى جسد الوطن مدعوما بأعلام وأجهزة استخبارات لم تعد تُمارس المؤامرة بل باتت تُمارس مخططا معلنا ضد الدولة المصرية، فإذا كان ناقل الكفر ليس بكافر فإن ناقل الخيانة هو حتما خائن مع سبق الإصرار والترصد.
هم يدركون تماما ما الذى كان سيحدث إذا لاقت دعوات المقاطعة استجابة وخرج المشهد الانتخابى هزيلا ليأتى برئيس مستند لشعبية هشة، هم كانوا ينتظرون سقوط شرعية ٣٠ يونيو، كانوا ينتظرون سقوط الشعب المصرى، وهم مدركون أن النتيجة الحتمية والفورية لذلك هو انقضاض التنظيم الإخوانى الإرهابى على الدولة المصرية، كانوا يعتقدون أن ثورة الدولة المصرية فى ٣٠ يونيو بناء هش يمكن إسقاطه والعودة إلى المشهد على أطلاله، اعتقادهم هذا ليس عشوائيا بل استناد إلى تجاربهم السابقة فى بناء الثورات المزيفة وإلى جهلهم بحجم إدراك الشعب المصرى بقيمة وطنه والمخاطر التى تحيط به، فضلا عن اطمئنانهم إلى رصيد الثروات التى راكموها والتى ستضمن لهم إقامات فاخرة فى أفخم العواصم إذا ما سقط الوطن لا قدر الله.
لكن حالة التعبئة العامة الانتخابية التى استجابت لها الجموع الزاحفة نحو صناديق الوطن كشفت عنهم الغطاء الأخير.
 الداعون للمقاطعة انقطعت بهم السبل عن الوطن بعدما فقدوا التمييز بين ثورة الدولة وثورة هدم الدولة، لكن الثائرين بحق لم يعرفوا سبيلا إلا إلى الوطن، الجموع التى خرجت إلى الصناديق كانت تدرك ما هى فاعلة، كانت تدرك ماذا تريد لم تكن تملك رفاهية المقاطعة أو العزوف أو التجاهل بل أدركت بوعى أو بغريزة أو بفطرة أن زيادة الاحتياطى الثورى هو أمر حتمى لا خيار فيه، خرجت لترد على المرجفين بأن ٣٠ يونيو لم تكن نزوة عابرة، أبدا لم تكن وسيلة لاختطاف وطن بل قيمة بحجم وطن، أصلها ثابت وفرعها فى السماء، خرجت الجموع لتقول إن الثورة مستقرة، خرجت لتعلن أن ٣٠ يونيو ثورة مساهمة مصرية.
٢١مليونا و٨٣٥ ألفا، و٣٨٧ صوتا حصلت عليها ثورة يونيو باسم أمين سر الثورة «عبدالفتاح سعيد حسين خليل السيسى» رصيد جديد فى خزينة وطن قرر كل من ناضل من أجله وتحمل وصبر ألا يعود هذا الوطن إلى السحب على المكشوف أبدا.
رقم ضخم وتاريخى جديد يضاف إلى هذا الوطن عنوان لحقيقة باتت جزءا من تاريخ الوطن هى أن « الثورة مستقرة».
الآن حصحص الحق والحقيقة وأصبحت يونيو نقية بعد أن لفظت شوائبها من دعاة المقاطعة وفاقدى الأهلية الوطنية، مضافا لهم أصحاب الأمية السياسية من دعاة انخفاض الشعبية، فإذا بهم جميعا قد انكشفوا من وراء جدران صناديق الانتخابات الشفافة التى كشفت عوراتهم السياسية، ومن غير المدهش أن تجدهم جميعا فى حالة توحد مع التنظيم الإخوانى الذى يوفر لهم جرعة من الغيبوبة السياسية التى أدمنوها إرضاء لنفوسهم الخاوية ثم يظلون أسرى لسماسرة هذا التنظيم من تجار السموم السياسية، ولم لا؟ وهم مازالوا غير مستوعبين لحقيقة انتهاء أدوارهم السياسية تماما، وأصبحوا عراة على مسرح الوطن وأمام ملايين الشعب.
 عموم الحالة الانتخابية كشف عن حالة من التربص الدولى والإقليمى بالدولة المصرية مدعوم بمجموعات محلية من مندوبى رجال الأعمال وضيوف السفارات ممن يدركون تماما ما هم فاعلون، وما الذى ستؤدى إليه النتيجة الهزيلة.. هم كانوا على بينة من أمرهم أن الاستجابة لدعواتهم كانت ستؤدى لما يلى:
■ رئيس ضعيف تم تجريده من شعبيته لن يقوى على الحديث باسم مصر.
■ تزايد أدوات الضغط الدولى والإقليمى على الدولة المصرية.
■ افتقاد الدولة المصرية أدوات قوتها التفاوضية فى ملفات سد النهضة، وتنويع مصادر التسليح.
■ فرض المصالحة القسرية على الدولة المصرية.
■ إعادة احتلال مساحات تمدد الدور الإقليمى المصرى لصالح الأمن القومى العربى.
■ إفقاد المواطن ثقته فى نفسه ووطنه.
■ عودة الاستهداف المكثف للجيش المصري.
■ عودة الخلايا النائمة ومجموعات الطابور الخامس للعبث بعموم الوعى المصري.
■ تمكين عملاء أجهزة الاستخبارات من فرض مخططاتهم كنظريات ثابتة فى إسقاط الدول باستخدام وسائل الهدم المدعومة بعناصر التنفيذ الداخلى.
لكن مصر الأبية أوقفت هذا الزحف الخبيث لتقدم درسا جديدا للتاريخ بصوتها المرتفع « أنا مصر.. أنا أكتب التاريخ.. أنا لست سطرا مكتوبا بفعل الفاعل الدولى على هوامش الكتب».
 يا أيها المقاطعون المتنطعون لقد كشفت مصر عنكم غطاءكم فبصركم اليوم حديد، لا تعتذروا اليوم إما إنكم ضالعون فى مخطط تقويض الدولة بكامل قواكم السياسية والعقلية، أو إنكم مضطرون لذلك لما تملكه عليكم أطراف المخطط من أدوات للضغط تمت تفاصيلها وصفقاتها فى المكاتب المغلقة، أو إنكم تعانون سفاهة سياسية ووطنية تستوجب الحجر الشعبى عليكم.
انظروا إلى أنفسكم فى مرايا الوطن لن تجدوا إلا سرابا متبددا لبقايا أشباه البشر وأنصاف الرجال.
 الثورة مستقرة بعزم الرجال وبكامل مخزون فطرة وغريزة الأم المصرية، يا أيها المتنطعون نشكركم على حسن تخاذلكم، قدمتم نموذجا للأجيال القادمة تعرفكم بسيماكم فتدير ظهورها لوجوهكم فإذا بها فى الطريق الصحيح لوجه الوطن.
الثورة مستقرة بقرار الشعب المصرى العظيم الذى أصر على استكمال مشروعه الوطنى لبناء دولته.
الثورة مستقرة بعزم الشعب المصرى الذى أبى أن يحكم وطنه إلا المصريون.
الثورة مستقرة بإرادة الشعب المصرى الذى منح رئيسه عبدالفتاح السيسى تفويضا جديدا لمواجهة الإرهاب والفساد.
الثورة مستقرة بقيادة رئيس جاء من أجل بناء الوطن وليس من أجل بناء الشعبية والمجد الشخصي.
الثورة مستقرة من أجل الجموع المخلصة التى خرجت مدفوعة بمخزون نخوتها ووطنيتها وخوفها على وطنها.
الثورة مستقرة بفضل المولى عز وجل وبفضل وعى الشعب المصرى الذى أصر على أن تتحول ثورته دستورا للعمل والبناء، أن تتحول إلى صفحة جديدة من صفحات الإبهار المصرى للتاريخ وللإنسانية.
تحيا مصر ويحيا شعبها العظيم.