الجمعة 12 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
«بيكاسو» وعوالم الفحولة واستغلال الجسد كمحرقة للإبداع

«بيكاسو» وعوالم الفحولة واستغلال الجسد كمحرقة للإبداع






فى العديد من الرؤى الفنية تشكل الأنثى أهم محور فى العمل الفنى العالمى على الأقل فى الحقبة الماضية او بمعنى أكثر دقة قد تكون المرأة هامشاً على متن قضية فنية، ويتبدى ذلك جليا فى حياة كثير من العظماء والفنانين وبالتالى قد تلعب الدفاتر الأنثوية دورا كبيرا فى تشكيل ذاكرة الفن أو على الأقل تصبح جانبا من تاريخ الرجل الذى يقوم بفعل الفن وهذا ما يمكن أن نطلق عليه (الفنان من جانبه الأكثر سرية) وما يؤكد ذلك هو ما يتكرر دوما من ان النساء اللواتى يرتبطن بالفنانين يخرجون عن صمتهن بعد فترات ويقررن ان يرسمن صورة أكثر وضوحا لمن نعتبرهم رموزا فنيه و يطلق بعض علماء النفس مثل (جولمان) على مذكرات النساء (الجانب الجنسى من تاريخ العالم) حيث إن النساء مهما حاولن التنويع فإن المحصلة واحدة وهى أنهم يؤرخون عن الرجال من الجانب الجنسى واو الجسدى بشكل عام وقد يختلط الأمر ببعض الأحاسيس والأمثلة لدينا عديدة وحتى فى وطننا العربى هناك هذه النوعية من التأريخ الأنثوى لكن ما يجرنا لهذه المقدمة هو ما حدث فى باريس فى منتصف الشهر الماضى حيث تم نشر كتاب 300 صفحة من القطع الكبير عن الفنان الإسبانى الأشهر بابلو بيكاسو والكتاب يحتوى على آراء مجموعة من النساء اللواتى عشن معه لفترات طويلة وهذه الآراء من واقع يومياتهم قام بجمعها والتعليق عليها آخر زوجاته الممثلة السينمائية الانجليزية جوليان مور وبالرغم من ان ما قيل فى بيكاسو وحياته الخاصة كثير لكن هذا الكتاب تميزه عدة نقاط تتفوق على سابقيه أهمها المصداقية وانه يتحدث عن أسرار لم تنشر قبل ذلك عن حياة بيكاسو الخاصة كما أن من حررته وشاركت فيه آخر زوجاته وهى ممثلة كبيرة كما قلنا وهى كانت صغيره جدا عندما ارتبطت ببيكاسو لكن قبل ان نعرض لأكثر المفارقات غراب فى كلام النساء عن بيكاسو يجب ان نضع بعض الخطوط العريضة لكى يتثنى للقارئ متابعة بعض من حياة هذا الرجل الذى صنع منه تاريخ الفن التشكيلى عملاقا بالرغم من انه من الناحية الفنية لم يكن فائق الموهبة.
التنوع والزخم الفنى لم يكن هو أساس شهرة بيكاسو كما نتخيل لكن الأساس هو شخصية بيكاسو الملغزة والغريبة والتى تبدو لنا حين تصورها المصادر أنها حياة رجل يتفجر ذكوره يعيش مثل شهريار بين نسائه فهو كل يوم يطلب واحده لفراشه ثم يقتلها هذا ما كانت تنقله عنه الروايات وخصوصا حكايات الفنانين المقربين منه فهو على سبيل المثال فى باريس كان يعيش فى قبو علوى فى مونامرتر وكان يبدل كل عشرين يوما او شهر عشيقة يستخدمها كموديل ثم يزهدها و يبحث عن غيرها ومن هنا تبدأ جوليان مور حيث تقول (وجدت من ضمن أرشيف بابلو مجموعة خطابات ترجع لعام 1927 من عشيقة قديمة اسمها مارثا لوبو والحقيقة تقال لم أجد حباً بهذا الجنون وفى المقابل لم أجد نذالة لهذه الدرجة) وبالطبع تقصد هنا نذالة بيكاسو حيث أن مارثا لوبو كانت من أرقى العائلات الباريسية وكان والدها مدير مكتب البريد فى قصر فرساى لكنها وقعت فى براثن بيكاسو الذى استغلها كموديل وكعشيقه باسم الحب ثم بعد ثلاثة شهور طردها بكل خسة وكانت حامل وطلب منها ان تتخلص من الجنين ولقد برح بها حب بيكاسو لأبعد الحدود.
وتضيف «مور» أن بيكاسو كان بارعاً فى إيهام النساء انه أقوى الرجال فحولة لكن فى الواقع لم يكن بيكاسو يزيد عن أى رجل فى العالم لكنه كان بارعا فى تسويق صفاته كرجل. ثم تتطرق مور من خلال مذكرات (باربرا شولن) الألمانية والتى لم يذكر عنها اى من من كتب عن بيكاسو بالرغم من أنها قضت معه عام كامل بين باريس و مالجا وتقول باربرا فى يومياتها (بابلو كان يستطيع ان يقنعنى انه مسحور وان بعض الغجريات فى مالجا موطنه اختطفته وهو صغير و غيرت من طبيعته حيث وضعت له قلب دب و قوة ثور و عقل ثعلب ولقد صدقت ذلك لفترة طويلة حيث كان يفرط فى شطحاته.
وظف بيكاسو الجنس فى رسومه ليثير الصدمة. مثل فان جوخ وجوجان من قبله، فرسم بائعات الهوي، وزار مستشفى للأمراض التناسلية ليرسم وجوه المرضى ليصبحوا شخصيات أخرى فى لوحاته. حينما رسم نفسه فى مرحلة مبكرة (1901) كان الرسم يصور شابا أرستقراطيا. كان يعبر عن رومانسية ذاتية وثقة بالنفس، لكن الحقيقة أنه كان مفلسا وكئيبا، ظل بيكاسو مؤمنا بالخرافات طيلة حياته، مبتعدا عن المرضى  معتبرا إياهم نذير سيئ ــ ويهمل حبيباته عندما كن يمرضن. لم يكتب وصية مطلقا، معتقدا أنه كان سيموت فى اليوم التالى إن فعل ذلك.