
حازم منير
سوريا و «قبلها» العراق
لن ينسى التاريخ أن دولًا غربية على رأسها أمريكا وبريطانيا كذبت على العالم وخدعته بفرية أسلحة الدمار الشامل فى العراق مبررة لغزو بلد الحضارات وتدمير بنيته الأساسية ومؤسساته الوطنية وفى مقدمتها حل الجيش.. وكذلك لن ينسى التاريخ أن نفس الدول بعد 15 عامًا تعود مرة أخرى لتنسج فرية جديدة وتنشر كذب آشر عن عدوان كيميائى تتهم الحكومة السورية بتنفيذه ضد المدنيين العزل فى «دوما» لتستخدم ذلك مبررًا فى غزو جديد لبلد الحضارات لإسقاط مؤسساته الوطنية وتدمير ما تبقى فيه، وأيضًا تسريح جيشه الوطنى.
حين تحدث الكثيرون العام الماضى عن سايكس – بيكو 2 فى ذكرى مائة عام على سايكس – بيكو 1 وتقسيم منطقة المشرق إلى دول ثم تطوير المخطط إلى دويلات فى رؤية الغرب المستقبلية للمنطقة لم يكن الأمر مزحة أو تهيؤات كما يشيع البعض لاتهام الناس بمرض المؤامرة وتمرير هذه المخططات، إنما هى حقيقة أكدها مديرو مخابرات هذه الدول فى مؤتمرات رسمية.
النكتة فى مزاعم الهجوم النووى الأخير أن الأمر لم يخضع حتى الآن لتحقيق من الجهات المعنية ليتم التثبت من حدوثه أو نفيه، ولم تعرض وسائل الإعلام المختلفة أى شهادات تفيد وقوع الهجوم الكيميائى، والأكثر مسخرة أن دول الغرب الكبرى تستعجل استصدار قرار من مجلس الأمن قبل إجراء أى تحقيقات استنادًا إلى أن معلوماتها صحيحة.
قبل أيام قليلة أجهضت أمريكا استصدار قرار من مجلس الأمن فى شأن قتل جيش الاحتلال الصهيونى عشرات من الفلسطينيين المدنيين الأبرياء العزل الذين خرجوا للمطالبة بحقهم فى دولتهم واسترداد أراضيهم المحتلة، وهو ما اعتبرته أمريكا عدوانًا على إسرائيل وتهديدًا لأمنها، رغم أن الربيب الأمريكى هو المحتل للأرض، وأن الأمر لا يحتاج إلى تحقيق فوقائع القتل تمت على مرأى ومسمع من كل العالم الذى لم يحرك ساكنًا.
الصراع الدولى على المنطقة العربية يتأزم ويزداد حدة كل يوم، وأطراف جديدة دخلاء يبحثون عن نفوذها ومصالحها مثل إيران وتركيا، ولم يعد الأمر مواجهة مباشرة بين روسيا وأمريكا، وإذا كانت العراق لم تتقسم بعد إلا أن استفتاء كردستان الملغى مازال مُعلقًا فوق الرءوس، لكن سوريا وللأسف يبدو أنها قد تعرضت للتقسيم بالفعل.
سيظل التاريخ محتفظًا بذاكرته التى لا تغيب متحدثا عن الغرب وما خطط له، دول تم تدميرها وشعوب تم التنكيل بها وأبرياء حصدت أسلحة الغرب أرواحهم , وأطفال فقدوا أمهاتهم وآباءهم ، وأمم جرى تشتيتها وتقسيمها إلى دويلات وطوائف وزرع روح الحرب فى نفوس أبنائها لضمان استمرارها متحاربة.
خرج الثعلب يومًا فى ثياب الواعظين كما خرج كولن باول وزير الخارجية الأمريكى فى خطابه على العالم يروج لأكاذيب امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل، وأيده رئيس الوزراء البريطانى تونى بلير الذى عاد بعد قرابة 17 عامًا على الغزو ليعلن ندمه وأسفه لأنه وببساطة «اتضحك عليه» من الأمريكان.. أن تنخدع مرة فلا مشكلة، أن تنخدع الثانية فيبدو أنك لم تتعلم، إنما تنخدع الثالثة تبقى المشكلة فيك أنت مش فى إللى بيخدعك.