
احمد زغلول
صندوق «البحث عن الثروة»
على غير المألوف فيما يتعلق بإطلاق الصناديق السيادية، تُعلن الحكومة عن اعتزامها إنشاء صندوق للتنقيب عن الثروة بحثًا عن تحقيق فوائض مالية.. وليس لإدارة فوائض موجودة بالفعل كما هو سائد عالميًا..
والمتعارف عليه أن فكرة الصناديق السيادية نشأت من أجل إدارة الفوائض المالية الكبيرة التى تحققها الدول النفطية فى الغالب.. حيث كان إنشاء أول صندوق سيادى فى دولة الكويت عام 1953، وقد انتشرت هذه الصناديق بشكل كبير ليصبح ما تديره من أموال بحسب آخر البيانات التقديرية المتاحة 6.5 تريليون دولار.
ورغم أن وجود فوائض مالية كبيرة تحت تصرف «الصناديق السيادية» هو أحد أهم ركائز نجاحها لأنه ببساطة يضمن لها القدرة على اقتناص الفرص الاستثمارية، إلا أن ذلك لا يعنى أن إنشاء صناديق ليست ذات ملاءة مالية كبيرة محكوم عليه بالفشل.. ففرص النجاح موجودة لكن التحديات ستكون كبيرة والمسئوليات أثقل، وهو الذى معه لابد أن تقدم الدولة جميع التسهيلات الممكنة لإنجاح هذه التجربة.. التى تمثل سلالة جديدة من الصناديق السيادية.
وإن كنا نتحدث عن التسهيلات والإمكانيات التى لابد أن تتاح لإنجاح الصندوق السيادى المصرى.. فيأتى على رأسها كيفية اختيار «الإدارة».. حيث ثمّة ضرورة قصوى لإخراج إدارة الصندوق من تحت عباءة الحكومة.. فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن تكون إدارة الصندوق من الموظفين الحكوميين، أو أن يُفرض عليه نفس شروط الحد الأقصى للأجور.. وذلك حتى لا يتحول الصندوق إلى شركة حكومية جديدة تكبلها القواعد البيروقراطية، وتكون النهاية إضافة كيان جديد إلى قائمة الكيانات التى تحاصرها المشكلات.
فالاستعانة بإدارة خاصة يُترك لها حرية التصرف، فى إطار يحدده القانون طبقًا للممارسات المعمول بها عالميًا فى مثل هذا النوع من الكيانات الاستثمارية أمر أساسى لإنجاح الصندوق.
كذلك فإن فرض معايير تضمن الشفافية فى معاملات وصفقات الصندوق يعد من الأمور الأساسية، ففى غياب الشفافية اللازمة تبرز مخاطر تفشى الفساد، ونضرب مثالا هنا بصندوق وان.ام.دي.بى الماليزى الذى يواجه اتهامات خطيرة تتعلق بغسل الأموال فى ست دول على الأقل، وأتصور أنه من الضرورى أن يخضع الصندوق لضوابط هيئة الرقابة المالية التى تتطور يومًا تلو الآخر لإحكام الرقابة على الاستثمارات المالية بالسوق، وكذلك لتصويب مساره فى حالة الدخول فى استثمارات قد تكون تنطوى على مشكلات أو لا تتماشى مع صالح السوق.
وإلى جانب خصخصة الإدارة وضمان الشفافية فى التعاملات.. فيجب نقل ملكية الشركات الخاسرة والأصول المملوكة للدولة إلى الصندوق بالشكل الذى يمكنه من التصرف فيها وهيكلتها، وأن يتم نقل هذه الأصول بقيم تحددها مكاتب تقييم محايدة، حتى لا يكون المطلوب من الصندوق تحقيق عوائد كبيرة.. وهو فى الأساس حصل على هذه الأصول بتقييمات مبالغ فيها، فلا يتمكن من الوصول إلى الهدف المطلوب.