
حازم منير
مستقبل العرب
متى سيتحرك العرب للأمام؟ ومتى ستنتهى مرحلة المراوحة فى المكان والتى هى فعليًا ارتداد للخلف طالما أن التاريخ يتجه للأمام وأنت تقف فى مكانك؟ ومتى سنشهد ملفات الإنجازات وليس ملفات الأزمات التى اعتدنا عليها لحقب وعهود.
منذ القمة العربية الأولى والقضايا والملفات كما هى دون تغيير.. القضية الفلسطينية، احتلال إسرائيل لأراضٍ عربية، احتلال إيران للجزر الإماراتية، الخلافات والصراعات العربية – العربية، وغيرها من الملفات التى لم تجد حلًا حتى الآن، وتفرض نفسها على أجندة كل القمم.
الملفات المختلفة التى تناقشها القمة فيما يتعلق بالعلاقات البينية العربية – العربية، فهى مجرد مناقشات وحوارات ومذكرات متبادلة تنتهى إلى قرارات ثم تأخذ طريقها للأدراج.
هذه الكلمات ليست مدعاة للإحباط أو اليأس من الحال العربى سواء فى علاقاته الدولية أو فى علاقاته الإقليمية أو تلك البينية، وهى ليست دعوة لفض اهتمامنا وانحيازنا لأفكار العروبة والانتماء العربى وإنما هى مجرد نظرة واقعية للمشهد نحتاج للتأمل فيها.
منذ 2011 و على مدار سبع سنوات هى عمر ما يسمى بالربيع العربى الذى هو من أكثر نكباتنا فى المنطقة، غرقت دول عربية فى الصراعات والحروب إما الداخلية أو مع منظمات الإرهاب صناعة الغرب والمصدرة لنا فى الشرق، وانعكست هذه الأوضاع على الدول العربية الأخرى المجاورة لها، وتأثرت دول أخرى بظاهرة تهريب الإرهابيين وسلاحهم وعتادهم وخلافه.
الحال يشير إلى انهيار مفهوم الأمن القومى العربى التقليدى، وهى معانٍ تحدث عنها الكثيرون منذ 2011 وحتى الآن، وتم رصد واقع شديد الخطورة أكثر مما هو قائم ينتظر المنطقة إذا استمرت الأوضاع القائمة دون تغيير.
المشكلة الحقيقية التى لم نشاهد اهتمامات ملحوظة من جانب القمة العربية بشأنها هى ملف الأمن القومى العربى الذى لم يحظ بذات الاهتمام بملفات الصراعات الداخلية أوالأقليمية .
وبصورة أكثر تعبيرًا لم نسمع عن توصية تتعلق بتبنى القادة العرب استراتيجية جديدة تتيح تطوير نظام الأمن القومى العربى بالمنطقة بما يحافظ على استقرارها فى مواجهة المخططات الخارجية أو المخاطر الداخلية، قدر ما تابعنا توصيات متعددة ومتنوعة تتعلق كل منها بحالة فردية أو ملف ذى صلة بدولة أو بتجمع دول.
الشاهد أن الكلمة الوحيدة التى تعاملت مع الصورة الإجمالية للمشهد العربى هى كلمة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى وتناول خلالها المخاطر المحيطة بالمنطقة ومشيرًا إلى الاحتياج الشديد للتعامل مع هذا الملف بما يحمى المنطقة من مخاطر محدقة بمستقبله.
والحاصل أن الواقع العربى مازال حتى الآن رغم كل المخاطر التى ألمت به مؤخرا مازال واقعًا وطنيًا لكل دولة على حدة ولم يتمكن من تغيير إطاره العام إلى واقع إقليمى له استهدافاته ومصالحه العامة التى يتحرك تجاهها وفقًا لاستراتيجية وبرامج متفق عليها تحقق التقدم والتفوق وتمنع السقوط أو الانهيار.
أعتقد أننا مطالبون الآن وأكثر من أى وقت مضى بالبحث فى إطار جديد للأمن القومى العربى لا يتضمن وفقط العلاقات بين دول القمة وإنما أيضا العلاقات مع شعوب المنطقة.