الجمعة 17 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الإسلام وذوو الاحتياجات الخاصة

الإسلام وذوو الاحتياجات الخاصة






الإسلام الحنيف دين الرحمة جاء مهتمًّا بالبشرية كلها الصغير قبل الكبير، والفقير قبل الغنى، والمرأة والرجل على السواء، والصحيح المعافى وغيره على السواء، اهتمَّ الإسلام بذلك الإنسان الذى هو بنيان الله.
كما  أن الإسلام اهتم بالإنسان فى جميع أحواله منذ صغره، ومنذ أن كان طفلًا صغيرًا لا يعى من أموره شيئًا ولا يهتم بأمور دنياه، لكن الدين الإسلامى نظر إليه نظرة مرموقة تشوفًا إلى مكانته المشرقة العظيمة التى ستكون له فى المستقبل، فهم -أى الأطفال- آمال اليوم وأحلامه التى ستتحقق غدًا وستشرق فى دنيا الأمل، وتسعد بهم البلاد ويَنعَمُ بهم الأهل والعباد، جاء الإسلام ليرسخ فى قلوب العالمين واجبات الرعاية والاهتمام الضرورى بهم، وتمثل ذلك فى أقواله صلى الله عليه وسلم عندما قال: «ساووا بين أولادكم فى العطية».
والله سبحانه وتعالى أمر بالعدل، كما أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قد أرسى الكثيرَ من التعاليم النبوية الرحيمة التى تحض على بناء الطفل ورعايته والاهتمام به وبصحته وبمستقبله، فكان صلى الله عليه وسلم ينادى الأطفال بما يليق بتكريمهم ويحملهم على عاتقه وعلى دابته ويعلِّمهم آداب الاستئذان والشجاعة، ويصحح بالحكمة مفاهيمهم ويربى عقولهم ويخفف عنهم أى مشقة تلحق بهم مراعاةً لطاقاتهم، ويثبِّت حقهم فى طلب العلم وغير … ذلك من أمور الدين والدنيا، حتى عند وفاتهم كان من رحمته صلى الله عليه وسلم معهم  يبكى عليهم  ويخصهم بالدعاء.
والإسلام لم يفرِّق بين طفل وآخر سواء على المستوى الدينى أو الإنساني، فالأطفال كلهم سواء فى نظر القلوب الرحيمة، من وُلِدَ كامل الخلقة مُستقيم البنية أو من ابتلى ببعض دواعى الأمراض أو ببعض نقص فيما يبدو لنا فى الخلقة، وإلا فكل خلق الله مهما كان فى الظاهر يعتريه النقص، إلا أنه فى الحقيقة مخلوق على وجه الكمال والتمام .
وفى الحقيقة هذا لا يُعد نقصًا وإنما هو كمال للبشرية كى تتعاون بعضها مع بعض على البر والتقوى وفعل الخير، وتتآزر كى تدمج أصحاب تلك الظروف فى المجتمع بشكل عام، وهذا الدمج يُعدُّ تكاملًا للمجتمع وإشعارًا لجميع أفراده خاصة ذوى الاحتياجات الخاصة بأنهم مؤهلون لكل شيء، وأنهم أعضاء فاعلون فى هذا المجتمع. وهذا يعد من التطبيق الفعلى لما كان يفعله النبى صلى الله عليه وسلم من الاستقواء بالضعفاء عند الشدائد كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما تنصرون بضعفائكم»، وهى نظرة تنتج لدينا مفهومًا مغايرًا لما عليه المفاهيم المعروفة الخاطئة لقضية أصحاب الظروف الخاصة، فهى تنظر إليهم على أنهم أعضاء مستهلكون وليسوا أعضاء فاعلين منتجين، بل إن النظرة الصحيحة تجعلنا نضع لهم مناهج محددة تختص بتدريبهم وتثقيفهم واستثمار ما لديهم من قدرات ومواهب ليشاركوا فى تنمية المجتمع فى جميع المجالات».
إن المجتمعات المتحضرة لا سيما المجتمعات التى تتمسك بدينها لهى أجدر وأقدر المجتمعات على دمج تلك الفئات أصحاب الظروف الخاصة فى مجتمعاتهم بشكل فاعلٍ بنَّاءٍ، وإن تعاليم الأديان السمحة إسلامية كانت أو مسيحية لتحضنا على الرحمة والتكافل والتكاتف والتعاون على البر والتقوى، وتوفير المناخ الصالح لرعاية هؤلاء الرعاية الخاصة طبيةً كانت أو نفسيةً، وكذا إعادة تأهيلهم لكى يصبحوا ذا تأثير وفاعلية ونفع لأنفسهم ولأوطانهم وللبشرية عامة».