الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
حق للناخب وليس للنائب

حق للناخب وليس للنائب






أحيانا تفرض التجارب السلبية على الناس تبنى مواقف متشددة تبدوأنها مبدئية لكنها فى حقيقة الأمر تمثل عدوانا على الحقوق، ويعتقد البعض أنها ضمانة بينما هى فى حقيقتها قيد وعائق.
ومن هذه النماذج نص تشريعى فى قانون مجلس النواب يعتبر أن تغيير النائب لصفته الحزبية بالاستقالة من الحزب أوالانتقال لحزب آخر أو الرغبة فى الاستمرار كمستقل عن الأحزاب بمثابة انتهاك للقانون وخداع للرأى العام وجمهور الناخبين يستوجب إسقاط عضويته.
هذا النص التشريعى يرتبط بوقائع جرت أحداثها فى عصور سابقة حين كان البعض من النواب ينتقل إلى عضوية الحزب الوطنى الحاكم آنذاك متخليا عن حزبه، وكانت أغلب الوقائع إن لم يكن كلها تشير إلى أن الانتقال سببه تحقيق مصالح النائب.
وربما يكون الانتقاد لهذه الظاهرة صحيح من زاوية تفضيل النائب لمصلحته الشخصية وفقا لما ساد من تجربة، لكن ذلك لا يعنى أبدا أن أى نائب فى عصور مختلفة يرغب فى الاستقالة من حزبه فإنه يفعل ذلك باستهداف تحقيق مصلحة شخصية.
الحاصل أن استقالة أى نائب من الحزب الذى ينتمى له ترتبط بأسباب عديدة ولا تقتصر أبدا على المصالح الشخصية ولا يجوز أن نعتبرها إجراء فى سياق المصالح وفقط أوفى سياق الرغبة فى إثبات الولاء أوالانضمام لحزب أغلبية فى سياق سياسات ما.
عملية التنقل من كتلة برلمانية الى كتلة أخرى مسألة طبيعية يقررها النائب وهوبذلك يضع رقبته تحت مقصلة الناخب فى الانتخابات البرلمانية التالية.
لماذا الناخب لأن العملية الانتخابية هدفها الأساسى منح الناخب حق الاختيار لممثليه فى البرلمان ليضمن التزام من انتخبه بتحقيق مصالحه والانحياز لأفكاره وآرائه، والانتخابات هدفها الجوهرى منح الناخب سلطة القرار بالمنح والمنع.
الناخب هوالذى يمنح النائب رخصة دخول البرلمان وهوالذى يمنعها عنه فى الانتخابات التالية ويُسقطه ويختار بديلا عنه إذا رأى أنه لم يحقق له ما انتخبه على أساسه من قبل، والناخب هوالذى يقرر ما إذا كان النائب تخلى عن تعهداته والتزاماته طوال فترة نيابته فى البرلمان.
قيمة دورية الانتخابات وإجرائها فى توقيتاتها الثابتة أنها تمثل فترة الاختبار والرقابة التى يقوم بها الناخب على أداء النائب ووفقا لذلك يتخذ قراره فى الانتخابات التالية مباشرة.
إذا الناخب هو من يقرر أن النائب يستحق الاستمرار فى مقعده أو يجب سحبه والدفع بغيره إلى البرلمان وغير ذلك يمثل عدوانا على حقوق الناخب وإرادته فى اختيار من يمثله.
لذلك كنت معارضا بشدة ومازلت لهذه المادة التشريعية التى تتيح للنواب إسقاط عضوية زميلهم باعتبار ذلك تدخلا فى العقد القائم بين الناخب والنائب باعتبار الأول هوصاحب الحق فى تقييم من انتخبه واتخاذ القرار الملائم فى شأنه إذا أخل بأى بند من بنود التعاقد.
هناك أسباب متنوعة تدفع النائب لمثل هذا قرار ربما يعتبرها بعض الناخبين مقبولة أو مشروعة ويراها البعض الآخر ليست كذلك، ووقتها فإن قرارا النائب يصبح جزءا أساسيا من مواجهاته لاكتساب ثقة الناخبين أوخسارتها.
محاسبة النائب ومعاقبته إذا ما بدل صفته الحزبية حق للناخب وليس للنائب.