الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مصير الأحزاب

مصير الأحزاب






لو كان التقرير المنشور على صفحات الجريدة الخميس الماضى عن تطوير الأحزاب السياسية المصرية يعكس الرؤية العامة السائدة بين التشريعيين أو يمثل اتجاها أو أساسا للحوار بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يبقى نقول «يلا السلامة» على مستقبل المشهد الحزبى والسياسى فى البلاد.
التقرير المهم الذى أعدته الزميلة فريدة محمد والزميل عبدالجواد خليفة تضمن أفكارا مثيرة للدهشة وصادمة مثل تشكيل هيئة للرقابة على الأحزاب أو إلغاء الحزب إذا ما تناقص عدد أعضائه أو استبعاد الحزب الذى لا يحصل على مقاعد فى الانتخابات البرلمانية!!
الحقيقة أنت لا تستطيع أن ترسم المشهد السياسى أو الحزبى بقلم رصاص على ورق «اسكيتش» ولا تستطيع أن تحدد بجرة قلم أو بقرار ما يجب أن تكون عليه الأحزاب لأنك لست الحكم ولا يصلح أن تكون حكما، وإنما الحكم بين الأحزاب هم الناس والانتخابات وليس أحدا آخر.
السؤال هو هل المطلوب تقليص عدد الأحزاب الموجودة على الساحة؟ أم أن السؤال هو كيفية تفعيل الحياة الحزبية فى البلاد ؟ فالفارق بين السؤالين ضخم للغاية وتحديد الهدف سيساعدنا على رسم خارطة طريق صحيحة لأن تنشيط وتفعيل الحياة السياسية يحتاج إلى رؤية وإجراءات عدة أما حديث تقليص عدد الأحزاب بقرار أو إجراء فإنى أخشى أن يكون متعارضا مع روح ونص الدستور.
المادة 74 من الدستور نصت على أن حق تكوين الأحزاب بالإخطار ينظمه القانون. وحددت على سبيل القطع ما يُحظر على الأحزاب ممارسة النشاط فيه وهى بذلك حددت المحظورات التى تعاقب من يمارسها من الأحزاب وغير ذلك لا يجوز أن ينص القانون على محاذير أخرى ونصت المادة على أنه لا يجوز حل الأحزاب إلا بحكم قضائى.
وبالتالى فإن أى حديث عن حل أحزاب قائمة لأنها لا تعمل أو تعديل قانون الأحزاب لاستبعاد الأحزاب غير النشطة كلها مخالفة للدستور، ورغم ذلك لم أجد إجابة عن سؤال طرحته سابقا.. ما هى علاقة عدد الأحزاب بضعف نشاط  الأحزاب الكبيرة.
وأطرح الأمر بصيغة أخرى، ألا يضم ائتلاف دعم مصر عددا  كبيرا من الأحزاب الصغيرة الممثلة فى البرلمان بمقعد أو اثنين أو ثلاثة وتمكن هذا الائتلاف من أداء دور مهم فى الفصل التشريعى الحالى؟ وهل امتناع الأحزاب عن منافسة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الانتخابات الرئاسية الأخيرة سببه ضعفها لكثرة عددها أم لأنها مؤيدة لإعادة انتخابه فى ضوء ظروف مرحلة استثنائية تمر بها البلاد؟
فى دول عدة تهتم الحكومات برصد تطورات المشهد السياسى وتعيد النظر مثلا كل فترة فى النظام الانتخابى وتحدد نظما مختلفة فى ضوء ما إذا أنت تحتاج لتقليل عدد الأحزاب الممثلة فى البرلمان أو توسيع قاعدة المشاركة الحزبية وزيادة التنوع وبهكذا وسائل يعاد تنشيط الحياة الحزبية.
 فى مصر يحتاج قانون الأحزاب لتعديلات عدة خصوصا فيما يتعلق بمصادر تمويل الأحزاب بما يتيح لها إمكانيات المنافسة من دون الخضوع لنفوذ المال السياسى كما يحتاج لإضافة بنود عدة تتعلق بتحفيز الأحزاب إذا ما حققت استهدافات محددة ذات صلة مثلا بمشاركة المرأة أو المعاقين والشباب، والأمر يحتاج لتضييق مجالات الحظر المفروض على نشاط الأحزاب.
تفعيل الحياة الحزبية يقتضى ضخ الأكسجين فى رئتيها وإعادة النظر فى النظم الانتخابى القائم.