الأحد 21 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
محمد صلاح..  أنت أقوى من الإخوان

محمد صلاح.. أنت أقوى من الإخوان






فى قرية «نجريج» الطيب أهلها بمدينة بسيون بمحافظة الغربية نشأ «محمد صلاح» وصولا إلى العالمية فى مدرجات إنجلترا حيث يهتفون باسمه بعدما صار أيقونة السعادة لجمهور ليفربول، وأصبح أيقونة الأمل للشباب المصرى ومصدر البهجة داخل البيت المصرى.
 دعونا نقطع التسلسل الزمنى ونرجع إلى الخلف باستخدام أسلوب «الفلاش باك»، دعونا نتخيل لو أن التنظيم الإخوانى فى هذه القرية كان قد تمكن من تجنيد الشاب اليافع «محمد صلاح» وضمه لصفوفه بعد سلب عقله وإرادته وطاقاته الإبداعية، كيف كان سيكون حال صلاح الآن بعد أن يفتضح أمره أمام جمهوره الذى كان سيكتشف أن صلاح الموهوب ما هو إلا أداة مستخدمة من تنظيم ثار عليه المصريون بعد أن ثبتت خيانته وإرهابه، كيف كانت صوره ستنتشر رافعًا لعلامة رابعة الصفراء التى لا تعبر عن أى شىء تنظيمى أو دينى بقدر ما تعبر عن انسحاق تنظيمى أمام سلوك القطيع، هل كانت موهبته ستغفر له ذلك؟ الإجابة بالقطع «لا»!
تخيل لو أن هذه الموهبة ظلت مرهونة بحدود التكليف التنظيمى، تخيل لو أن صاحب هذه الموهبة وقع فريسة لتلك الأيديولوجية التى لا تعرف معنى الانتماء كيف كان سيكون موقعه من وطنه ومن مشاعر الحب الجارف التى يلقاها من عموم الشعب المصرى؟!
بعد أن اتفقنا بالعودة إلى الوراء بالزمن دعونا نتخيل أن التنظيم الإخوانى قد نجح فى تجنيد محمد صلاح وضمه لشعبة بسيون الإخوانية، فإن الحال كان سيصل به حتمًا إلى القضاء على موهبته تمامًا بعد تعثره فى الالتزام بمواعيد التدريب تنفيذًا للالتزام التنظيمى بضرورة حضور اللقاءات التنظيمية التى سيتصادف تزامنها مع مواعيد التدريب وستقام عليه الحجة الشرعية باستخدام الآية الكريمة (أتستبدلون الذى هو أدنى بالذى هو خير) ليكتشف محمد صلاح أنه يتعرض لحالة تكفير تنظيمية إذا ما أصر على اللعب.
 وفى احتمال آخر كانت ستترك له فرصة محدودة لممارسة اللعب شريطة أن تكون شهرته التى سيحققها مرهونة بخدمة التنظيم إذا ما صدر له التكليف بذلك فى المكان والزمان اللذان يحددهما التنظيم، فتظل موهبته مقيدة بأهواء التنظيم الذى لا يعرف معنى للوطن فيتحول اللاعب الإخوانى من اللعب باسم الوطن إلى اللعب باسم التنظيم ويقينا كنت ستجده رافعًا قميصه ليكشف عن عبارة «تعاطفًا مع رابعة» ليلحق بسابقة الهارب محمد أبو تريكة الذى نفذ تكليف التنظيم ورفع قميصه كاشفا عن عبارة «تعاطفا مع غزة» ولم يبد حتى الآن أى تعاطف مع شهداء الوطن ممن ارتقوا إلى بارئهم على يد تنظيمه الإرهابى، والآن يراكم الثروات من خزائن الدوحة التى تصرف على تخريب وطنه، بينما محمد صلاح يتبرع لصندوق تحيا مصر.
نجم الحالة هنا هو أسرة محمد صلاح، الحاضن الاجتماعى والتربوى لهذا النجم الساطع، والتى رغم بساطتها تمسكت بوسطية دينها وهويتها الأصيلة الطيبة وأخلاق مجتمعها الحميدة، التى تُمارس شفافية فطرية، فلا تعرف مكانًا لتنظيم سرى أو معنى للتآمر، ولا تقبل نخوتها أن تظهر عكس ما تبطن انصياعا لتنظيم لا ترى أنه يقدم ما هو جديد أخلاقيا أو دينيا، فحال ذلك دون أى فرصة لهذا التنظيم لاختراق وجدان نجلهم وتقييد انطلاق موهبته نحو العالمية.
هنا نتوقف باهتمام عند منظومة الأخلاق والسلام المجتمعى باعتبارهما حائط صد يبسط حالة من القيم والأعراف والتقاليد التى تكون ضوابط للعلاقات الاجتماعية تحكمها قواعد إدارية وقانونية إذا ما لزم الأمر، لتحول تلك المنظومة دون منح هذا التنظيم أى فرصة للتميز والاستعلاء الأخلاقى أو الدينى بزعم أن لديه ما يفتقده المجتمع من أخلاق أو تدين.
 نحن إذن أمام مواجهة تربوية واجتماعية ما بين الأسرة المصرية الطبيعية والأسرة الإخوانية المخلقة تنظيميا لتزرع فى الجسد الاجتماعى المصرى، ولكونها غريبة عن طبيعة هذا الجسد الذى حتمًا سيلفظها فإن محاولات تثبيتها تظل تحت ملاحظة التنظيم الذى يظل يمارسها باستخدام القيم المجتمعية، وفى سبيل ذلك لا يكف عن ممارسة التدليس والتشويه لأصول المجتمع، ليخلق فجوة ذهنية مزيفة بين حقيقة المجتمع الذى نجح فى تشويهه عمدًا وبين التنظيم الذى يتظاهر باحتكار الأخلاق الحميدة فيكون جاذبا لمجموعات شبابية بعدما تم تغريبها فى مجتمعها وإيهامها أن التنظيم يملك منحهم ما يفتقده محيطهم الطبيعى، نحن إذن إمام منظومة مخلقة لا تستوى مع فطرة المجتمع السليمة ولذلك لا تكف أبدا عن العبث بها.
كل ذلك يعبر بقوة عن أصالة البيئة التى أفرزت محمد صلاح وعن طيب معدنة.
 خارج نطاق الأسرة حتما كان الصبى الواعد  محمد صلاح يلتقى عناصر التنظيم التى ربما التقطت موهبته فسعت للتدفق حوله وحصاره لاستغلاله وفقًا لتكتيك التنظيم الذى لا يقيم للإنسانية وزنًا ويعتقد أنه قادر على استخدام الجميع طوال الوقت، وتحت عنوان «توجيه الآخر لخدمة التنظيم» اندفعت العناصر الإخوانية نحو صلاح إما لتجنيده تنظيميًا أو امتهان إنسانيته وموهبته كإحدى أدوات التنظيم، لكن صلابة محمد صلاح المستمدة من أسرة صلبة ومتدينة ووسطية حالت دون الغزو الإخوانى لفطرته السليمة، لتقول عموم الحالة أننا أمام تنظيم مخالف للفطرة المصرية ولا يستطيع البناء إلا على القواعد الاجتماعية الهشة وعلى الهويات الممسوخة، عموم الحالة يقول : (محمد صلاح .. أنت أقوى من الإخوان).