
رشدي الدقن
«اشتم بلدك!!»
لم يكن الفيديو الشهير لسيدة من مصر، تقف على الطريق الدائرى، تسب وتشتم، بسبب الأمطار التى شلت الحياة تمامًا جديدًا، ولم يفاجئنى، فنحن دون سائر البشر السب والشتم هو طريقنا للتنفيس عما نحن فيه.
السيدة التى وقفت لتشتم الحكومة، ظلت حتى الصباح ومعها ابنتها الصغيرة، فى سيارتها، لاتستطيع الوصول إلى بيتها ،كارثة حقيقية، علينا أن نتوقف أمامها طويلًا، شلل الحياة بسبب الأمطار وليس شتم وسب السيدة!!.
الحقيقة سب وشتم الحكومة والدولة من السيدة وغيرها هى أيضا تستحق أن نتوقف عندها، فدون شعوب الأرض نحن نشتم دولتنا ببساطة شديدة، حتى فيما يمكن أن نطلق عليه ظواهر طبيعية.
هل وجدت مثلًا الشعب اليابانى بعد حدوث تسونامى فى 2011 يشتم ويسب بلده وحكومته!!.
بالمناسبة أثر تسونامى على اليابان كان مدمراً، ومن أبرز علامات الدمار التى خلفها: مقتل أكثر من ألف شخص،فقدان أكثر من ألف وستمائة شخص، وقوع انفجارات هيدروجينية داخل مفاعلات محطة نووية فى فوكوشيما، إصابة الأسماك بالإشعاع من مياه المحيط الهادى بعد الانفجارات الهيدروجينية، إصابة أكثر من خمسة آلاف شخص.
بلاش اليابان، دى بلد بعيدة عننا وثقافة مختلفة، فى الإمارات فى 2016 هطلت أمطار غزيرة،على المنطقة الشرقية وإمارة الفجيرة، وغمرت بيوتاً وقطعت طرقاً، وتسببت فى جرف سكن عمال مكون من 10 كرفانات تابعة لشركة خاصة، وهدمت جدران بعض المنازل، فهل وجدت أهل الإمارات يسبون ويشتمون بلادهم فى فيديوهات على الفيسبوك، هل حتى وجدت صورة واحدة لماحدث!!
فى أمريكا حرائق الغابات ، والسيول والرياح، وعمليات نزح السكان متكررة وبشكل دورى، فهل شاهدت فيديوهات تسب وتلعن!!.
حسنا فعلت مصر بإسناد التحقيق فيما حدث فى التجمع الخامس، المنطقة الأكثر ثراء ورفاهية، إلى الوزير محمد عرفان رئيس هيئة الرقابة الإدارية، فهذا فى حد ذاته يؤكد أن الحقيقة كاملة، ستكون بين أيدينا أولا بأول، ومنها سنعرف، لماذا غرق التجمع الخامس فى شبر ميه؟
لماذا لم تتحمل «البنية التحتية لمنطقة التجمع الخامس والتى نشأت من 20 سنة فقط، الأمطار؟!
الرقابة الإدارية، بشكل سريع جدا، وضعت يدها على بداية الحقيقة
فتم إيقاف عدد من المسئولين بجهاز مدينة القاهرة الجديدة عن العمل
وإحالة واقعة الغرق بسبب الأمطار إلى النائب العام
ولم تكتف بذلك ، تحركت للمستقبل، وماذا بعد؟، كيف يمكن أن نواجه ذلك فى المستقبل، وهذا هو الأهم، فالتجمع تحديدا ،غرق فى شبر ميه فى يناير الماضى ، وفى 2017 بسبب الأمطار أيضا، ولم يلحظ أحد لأن كمية المياه لم تكن بهذه الكثرة.
الرقابة تحركت بشكل إيجابى وأوصت بإعادة تشكيل مركز «إدارة الأزمات» التابع لمجلس الوزراء ومنحه صلاحيات إضافية وآليات تتيح له مواجهة أى أزمات تتعرض لها البلاد،لتدارك كل السلبيات السابقة.
ما أسرده هنا ليس تبريرًا للحكومة ولادفاعًا عنها لاسمح الله، فلدى الحكومة كثيرون يدافعون عنها، ما أسرده هنا حالة خاصة، فى وقت الشدة كان المصريون يتجمعون، بنتلم على بعض ونقف، فماذا حدث ؟!
بالطبع لا أستطيع أن أعرف ماذا حدث، فهذه أيضا تحتاج دراسات متأنية ودقيقة من أساتذة علم الاجتماع والنفس.
لكن ما أعرفه أننا تغيرنا كثيرا وللأسف للأسوأ