الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
مانولى وبنايوتى وينى

مانولى وبنايوتى وينى






فى تاريخ كل دول العالم محطات رئيسية تسجل لحظات أو مواقف وتصبح علامة فى تاريخ هذا الوطن أو ذاك، ومصر من الدول التى تمتلك نصيبًا وافرًا من هذه العلامات واللقطات.
الجاليات الأجنبية فى مصر لعبت على مر التاريخ مواقف عديدة ومتنوعة بعضها كانت تأثيراته إيجابية وبعضها كانت تأثيراته سلبية، لكن المؤكد أنك لا تستطيع تجاهل الرعايا الأجانب من تاريخ البلاد.
من أبرز هذه الجاليات يرصد التاريخ المصرى الجاليتين اليونانية والقبرصية، وهى مسألة تاريخ وأحداث وقعت بالفعل ونجحت فى نسج علاقات متميزة مع المصريين، حتى أن ألفاظًا كثيرة من اللغات الثلاث وجدت طريقها فى مفردات لغة كل شعب وتعمد بعضها جزء منها، وامتزجت الحضارة المصرية مع الحضارة اليونانية وجسدتا معًا واحدًا من أهم ملامح تاريخ البشرية فى عصور متتالية.
روايات عديدة وأعمال فنية كثيرة رصدت دور الجاليتين فى تاريخ مصر الاجتماعى والاقتصادى والفنى، وسجلت الدراما والسينما والقصة المصرية الوجود المؤثر فى النسيج المجتمعى المصرى، وكيف أن هذا الدور لا يمكن تجاهله وأنت تؤرخ لمصر فى مراحل مختلفة من مسيرتها.
الخواجة مانولى والخواجة بنايوتى والخواجة ينى أسماء مشهورة فى الأدب المصرى، تجدها بين التجار متواجدة فى علاقات عمل واضحة، وتجدها فى الريف المصرى فى تجارة الأقمشة أو محال السهر والفرفشة، وتجدها فى المدن بين أبناء الطبقات الراقية أو بين سكان الحوارى، فهم جزء من النسيج الاجتماعى بكل انتماءاته وطبقاته المختلفة.
فى العدوان الثلاثى 1956 خرج الشعب اليونانى فى مظاهرات حاشدة ضد العدوان مساندًا لمصر ومطالبًا بوقف الاعتداء على المصريين، ووقف الأسقف مكاريوس رئيس قبرص مساندًا لمصر فى المحافل الدولية ومنددًا بالعدوان على الشعب المصرى.
العلاقة بين البلدان الثلاثة لم تستند يومًا على قوة العلاقات بين الحكومات أو الرؤساء رغم متانتها، لكنها كانت دومًا قائمة على التماسك والترابط الشعبى بين الأمم الثلاث وهى التى تم نسجها عبر حقب وعهود وسنوات طويلة.
فى مدينة الإسكندرية على سبيل المثال لا يخلو شارع أو ميدان أو طريق من علامة أو ملامح لتاريخ اليونانيين والقبارصة فى النشاط التجارى مثلًا، أو أن يحدثك مواطنون عن جيرانهم من الجاليتين وكيف كانت العلاقات الأسرية والاجتماعية بينهم، وهم يتحدثون عن تاريخ يعتزون به.
تعود الإسكندرية هذه الأيام لتسترجع أيامًا من عبق التاريخ لتستضيف وتحتفى برموز من الجاليتين اليونانية والقبرصية الذين كانوا يعيشون فى مصر ونسجوا فيها جزءًا مهمًا من التاريخ.
هذا الاحتفال دلالته الشعبية أهم بكثير من دلالته الرسمية، فالعلاقات المتينة بين الأمم الثلاث لم تتم بقرار أو توجه سياسى إنما هى عملية شعبية صاغها الناس بمشاعرهم وثقافاتهم فجاءت أكثر متانة وأشبه بأعمدة تأسيس معابد الحضارات.
شواهد التاريخ تقول إن العلاقات بين الأمم الثلاث عميقة الأثر والدور الشعبى هو الذى صنع التاريخ  والثقافة التى لا يمكن تجاهلها، والدور الذى يمكن أن يقدموه أيضًا فى الحاضر والمستقبل يجب التعامل معه باهتمام ووعى وجدية بالغة .